على الرغم من حجم الضربة القاسية التي تلقّاها الحزب وبيئته يومَي الثلاثاء والأربعاء الماضيين من خلال عملية تفجير أجهزة البيجر واللاسلكي، ومن ثم يوم الجمعة من خلال الغارة الإسرائيلية التي استهدفت قيادة قوة الرضوان وقائدها إبراهيم عقيل. تحاول قيادة الحزب تجاوز الصدمة الكبيرة والانتقال السريع للتحضير للمرحلة المقبلة من مواجهة العدوّ الإسرائيلي التي قد تشهد تصعيداً كبيراً على كلّ المستويات.
من خلال الاطّلاع على الأجواء الداخلية للحزب ومواكبة ما قامت به المؤسّسات الحزب الأمنيّة والعسكرية والصحّية والاجتماعية والإعلامية التابعة له خلال الأيام القليلة الماضية يمكن وضع الخلاصات التالية:
– أوّلاً: تحرّكت مؤسّسات الحزب بسرعة وفي كلّ الاتّجاهات لاستيعاب آثار العملية من خلال معالجة الجرحى وبقاء كلّ الأجهزة الأمنيّة والعسكرية في حالة طوارىء، وذلك تخوّفاً من أن تكون هذه الهجمات مقدّمة لعمل عسكري كبير.
– ثانياً: شكّلت حالة التضامن اللبنانية والعربية الشعبية والرسمية مع الجرحى وعائلات الضحايا واستنفار المؤسّسات الرسمية والأهليّة لمواجهة آثار العملية نقطة قوّة، وهو ما ألغى الانعكاسات السلبية التي كان يتوقّعها العدوّ الإسرائيلي من خلال هذه العملية بضرب البيئة الحاضنة أو إحداث انقسام داخليّ عامّ، وهذا ما عبّر عنه الأمين العامّ للحزب السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير الذي حرص فيه على شكر كلّ المتضامنين الذين قدّموا المساعدات في كلّ المجالات.
– ثالثاً: حوّل الحزب مسيرات التشييع ومراسم العزاء إلى مظهر من مظاهر الصمود والقوّة على الرغم من حالة الاستنفار الأمنيّة والأجواء العسكرية، وخصوصاً يوم الأربعاء الفائت الذي شهد الموجة الثانية من التفجيرات.
– رابعاً: على الصعيد الإعلامي عمل إعلام الحزب على تحويل الخرق الإلكتروني أو الأمنيّ الذي حصل إلى عنصر قوّة من خلال التأكيد أنّ ما حصل رغم قسوته وخطورته لم يؤثر على القدرات العسكرية والأمنية الكبيرة، وأنّ ما جرى ساهم في تحصين بيئة الحزب وتحضيرها للمواجهات المقبلة.
تحرّكت مؤسّسات الحزب بسرعة وفي كلّ الاتّجاهات لاستيعاب آثار العملية من خلال معالجة الجرحى وبقاء كلّ الأجهزة الأمنيّة والعسكرية في حالة طوارىء
الاستعدادات الجديدة
لكن كيف يستعدّ الحزب للمرحلة المقبلة التي بدأت تشهد المزيد من التصعيد الميداني، وقد تشهد أشكالاً جديدة من المواجهات والاغتيالات مع احتمال حصول عملية عسكرية برّية؟
تؤكّد المصادر المطّلعة على أجواء الحزب أنّه جاهز لكلّ الاحتمالات، سواء بالتحضير للردّ القويّ على عمليات التفجير أو على أيّ تصعيد سيحصل ميدانياً، وهذا ما بدأ من خلال سلسلة العمليات التي نفّذت في الأيام الماضية والتي أوقعت العديد من الإصابات في صفوف الجيش الإسرائيلي. والحزب جاهز للتصدّي لأيّ عملية عسكرية برّية، ويعتبر أنّ عملية كهذه ستكون لها نتائج مهمّة في المعركة، وهذا ما ننتظره، وفقاً لما أشار إليه السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير.
على الصعيد الأمنيّ يتابع الحزب تحقيقاته في ما جرى، واتّخذ إجراءات جديدة لتحصين الوضع الأمني ومواجهة أيّة عمليات اغتيال قد يقوم بها العدوّ، وهناك تنسيق وتعاون مع بقيّة جبهات الممانعة لمواجهة أيّ تصعيد قد يحصل.
يبقى الجانب السياسي والشعبي الداخلي: على الرغم من أنّ الأمين العامّ للحزب اكتفى بشكر المتضامنين والحكومة والمؤسّسات الرسمية، فإنّ هناك نقاشاً داخلياً في بيئة الحزب والجهات القريبة منه حول كيفية تحصين الجبهة الداخلية وكيفية الاستعداد للمرحلة المقبلة، وهذا يتطلّب تعزيز الحوار الداخلي والمسارعة إلى الوصول إلى توافق بشأن الأزمة الرئاسية وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، لكنّ ذلك يتطلّب المزيد من النقاشات والحوارات.
قاسم قصير ـ أساس ميديا