عرفت الياس عون منذ 1977 لما انتسبت إلى جريدة ” البيرق” التي سبقني إليها شقيقي العميد الدكتور غسان شلوق، ولكنني اعتنقت المجال السياسي والأمني والقضائي، وشقيقي تجلّى في مجال الإقتصاد وكان رئيساً لهذا القسم قبل امتهانه التعليم الجامعي، أما الياس عون فكان مديراً لـ”دار ألف ليلة وليلة”وهي دار تُصدر “البيرق” و”الحوادث” و”الريفي دي ليبان” و”المانداي مورنينغ”.
ولكن الياس لم يكن وحده مديراً للدار انما سبقه المرحوم ريمون قواص ذاك الذي تُرفع له القبعة و… الكؤوس. ونحن كنا أصدقاء مع الياس عون و”همشرية” مع “أبو الريم”.
أما “البيرق” فكان “المتنفذون فيها كثراً، من ايلي رزق الله إلى نديم الهاشم رحمهما الله، إلى غسان شلوق إلى هنري الكك أطال الله بعمرهما، إلى حبيب شلوق “الفاتح على حسابه” والذي لا يرفض له النقيب ملحم كرم طلبا” حتى بعد إلغاء إعلان رسمي “مانشيت” في الصفحة الأولى وانزال صورة لـ”الميدل إيست” مكانها لتبرير صورة لداني شمعون الذي خُطف يومذاك في مطار بيروت وكان خطفه الموضوع الرئيسي في “البيرق”.
يومها اتصل النقيب ملحم كرم من باريس معترضاً على نشر صورة لـ”الميدل إيست” مكان الإعلان في الصفحة الأولى “المانشيت”، مهدداً بالويل والثبور وعظائم الأمور، ولكنه عاد ليتصل ثانية بعد نصف ساعة ويقول لي “شو يا عمري”،ويضيف “حسناً فعلتم إنت وغسّوني، إذ لا حل آخر”.
وتبيّن أن الياس وريمون اتصلا بالنقيب وشرحا له المسألة، وعدم جواز الغياب عن خطف داني، و”ما بدنا يصير معنا متل حادثة مقتل مايا بشير الجميل”.
والإثنان عند ملحم كلمتهما كلمة وفعلا فعلهما.
والياس عون الذي انتخبته في مجلس نقابة الصحافة مراراً سواء من خلال تمثيلي مجلات وصحف “غب الطلب” يكلفني النقيب كرم مهمة التصويت باسمها، أو كمدير مسؤول لمجلة “النهار العربي والدولي” أيام الصديق جبران تويني، ثم كمدير مسؤول لجريدة “النهار” في أيام العملاق غسان تويني وعلى أثر وفاة رئيس التحرير المدير المسؤول الأستاذ ميشال أبو جودة، ثم عدت وانتخبته نقيباً للمحررين مرتين عام 2012 و2015 ، قبل أن نشكل معاً لائحة عام 2018.
وتألفت اللائحة من مجموعة صحافيين ممارسين وتمكنّا الياس عون واندريه قصاص وأنا حبيب شلوق من اختراق اللائحة القائزة، لكن الوضع لم يسلم مع الزميلين عون وقصاص فاستقالا لأتابع المهمة وحدي ، وأشهد أن الولاية لم تكن سيئة بين أعضاء معظمهم أخوة وأصدقاء وأبناء مهنة.
كل ما يمكن أن أقوله عن النقيب عون أنه الصديق الصادق، رجل ولا كل الرجال،صلب في ممارساته، عنيد في مواقفه، شهم في صداقاته، صاحب قرار حر، لا يستزلم، ولايبيع ضميره في سوق النخاسة ولا يطعن في ظهر زملاء له في اللائحة، وأكثر من ذلك أنه شبعان.
أهم شيء في الإنسان أن يكون شبعاناً.
الياس عون كان شبعاناً.
هنيئاً لجزين التي انجبت الياس عون وهنيئاً لنا نحن مَن ترافقنا معه في السراء والضراء، ورجاء صديقي النقيب الياس أن تحمل مع حبي وتقديري لك، حباً وتقديراً لشقيقك المرحوم وديع الذي كان يرتاد “النهار” في الحمراء كل مساء ونتسامر حتى ساعات متقدمة من الليل.
حبيب شلوق