15 أيلول.. الأحد الأوّل بعد عيد الصليب

طلب ابني ذبدى
مار شينا المعترف
مار ساسين المعترف


الإنجيل بحسب القديس مرقس
مر ٣٥/١٠-٤٥

ودَنا إليه يعقوب ويوحَنَّا ابنا زَبَدى، فقالا له: “يا مُعَلِّم، نُريد أن تَصنَعَ لَنا ما نَسألُكَ”. فقالَ لَهما: “ماذا تُريدان أن أصنع لكما؟” قالا له: “امنَحْنا أن يَجلِسَ أَحَدُنا عن يمينك، والآخرُ عَن شِمالِكَ فِي مَجدِكَ”. فقالَ لَهما يسوع: “إِنَّكَما لا تَعلَمان ما تسألان أَتَستَطيعان أن تَشرَبا الكأس التي سأشرَبُها، أو تقبَلا المعمودِيَّةَ الَّتي سَأَقْبَلُها؟” فقالا له: “نَستَطيع”. فقالَ لهما يسوع: “إنَّ الكأَسَ الَّتِي أَشْرَبُها سَوفَ تَشْرَبانِها، والمعموديَّة التي أَقبَلُها سَوفَ تَقبَلانِها، وأَمَّا الجُلوس عن يَميني أو شمالي، فلَيسَ لي أَن أَمَنَحَه، وإِنَّما هُوَ لِلَّذِينَ أُعِدَّ لَهُم.” فَلمَّا سَمِعَ العَشَرَةُ ذلكَ الكَلامَ اسْتَاؤُوا مِن يَعقوبَ ويوحنا فدعاهُم يسوعُ وقالَ لَهم : “تَعلَمونَ أَنَّ الَّذِينَ يُعَدُّونَ رُؤَسَاءَ الأُمم يَسودونَها ، وأَنَّ أَكابرَها يَتَسَلَّطُونَ عَلَيها. فليس الأمرُ فيكم كذلك. بل مَن أَرادَ أَن يَكُونَ كَبيراً فيكم فَلْيَكُنْ لَكُم خادماً. ومَن أَرادَ أَن يكونَ الأَوَّلَ فيكم، فَليَكُن لأَجْمَعِكُم عَبْداً. لأَنَّ ابْنَ الإِنسان لم يَأْتِ لِيُخدَم ، بل لِيَخدُم ويَفْدِي بِنَفْسِهِ جَمَاعَةَ النَّاسِ.”

تأمّلات روحيّة من كتاب الإنجيل في صلاة للأب منصور لبكي.

يا رب ها إنك تجتاز وادي الأردن باتجاه أورشليم وَتُعلِن للإثني عشر للمرة الثالثة، أنك سَتُسَلَّمُ إلى عُظماء الكهنة والكتبة. سوف يُساء إليك ويُسخَرُ منك، ويُبصَقُ عليك وتُجلَدُ ويُحكَم عليك بالموت، وستموتُ لكنَّكَ ستقوم من بين الأموات بعد ثلاثة أيام. إنَّك تَتقدَّم تلاميذك في الطريق. دنا إليك يعقوب ويوحنا، وهما من الرسل الأوائل، وتربطك بهما علاقةٌ حميمة. لقد شعرا من نبرة صوتك وبالأحرى من وقارِ موقفك، بأنَّ أمورًا خطيرةً سوف تحدث. لقد تركا كل شيء وتبعاك، مُتأمِّلين أن يسيرا على الدوام معك، كما لازماك منذ بدء حياتك العلنية. إنّك عَبَّرْتَ عن صداقتِك لهما في عدة مناسبات. لقد حَظِيا مع بطرس بأن يكونا شاهدين لبعض عجائبك، ولظهور مجدك الآتي يوم التجلّي. تربطهما بك علاقة عميقة حتى ولو كان طلبهما لا يخلو من الطُّموح البشري. يريدان “أن يجلس أحدُنا عن يمينك، والآخرُ عن شمالك في مجدك”.
أنت يا من يسبرُ أعماق القلوب، تشعر بطيبة قلبيهما، ولهذا السَّبب لا تُعنّفهما، ولكن تحثُّهُما على أنْ يَعِيا سذاجة سؤالهما “إنكما لا تعلمان ما تسألان”. تُصوِّبُ تفكيرهما وتُحذِّرُهما من لُجَّة العذاب التي ستنحَدِرُ إليها.
هل يرغبان في أن يتألّما معك؟ هل يستطيعان أن يشربا الكأس؟ والأخوان اللذان دَعَوتَهما يومًا “أبناء الرعد” لا يُصغيان إلا لهمسات قلبيهما، أكَّدا: “نستطيع”. إنها إجابة كل مبتدئ، وكُلّ إكليريكي لرئيسه، وهو يُعدِّدُ له الصُّعوبات الملازمة لكلِّ حياة رهبانية أو كهنوتية.
إن إبنَي زبدى هما على استعداد لأن يستحقا الشرف الذي يلتمسانه. قبلت طلبهما. وسيشربان الكأس التي سوف تشربها. لكن هذا لا يعني أنَّهما سيعانيان الاستشهاد الدّامي كما عانيت. إن كان يعقوب قد استُشهِدَ ، فيوحنا تُوفِي عن عجز ، بعد أن كابد أشكالاً مختلفة من التعذيب، ومنها النَّفي إلى جزيرة باطمس. هنالك شهادة نعيشها يوميًا، في احتمال الصلبان كُلَّ آن : هموم الحياة، التّناقضات، عدم الفهم، الحسد، النَّميمة… هذا الاستشهاد الذي نقبَلُهُ في سلامة القلب، يُوازي عذاب الاستشهاد بالدم.
أمَّا عن المجد الذي يتوقان إلى أن يتقاسماه معك، فيتعذَّرُ فهمُه كما يتعذَّرُ فهمُ الآلام. إنه من عمل الآب الذي أعدَّه لهم ولسائر التلاميذ فلنُوجِّهُ كلَّ طموحاتنا نحو الآب. إنَّه يقَدِّسها .
قَلِقَ التلامذة العَشْرةُ من هذه المحادثة المنفردة، فاقتربوا ولمَّا سَمِعوا الحديث المتبادل، استاؤوا من كلامِهما وغرورِهما.
إنها بالنِّسبة إليك، الفُرصة الملائمة لِتُلقِي على الجميع تعليماً، عن معنى السُّلطة والعَظَمة. إنَّهم ركائز الكنيسة العتيدة. عليهم أن يعرفوا إلى أين سَتُودي بِهِم طموحاتُهم. بالنِّسبة إليك، من أراد أن يكون رئيسًا فليكن خادماً، وقلت لهم بلهجة لا تخلو من السخرية اللَّاذعة: “إنَّ الذين يُعَدُّونَ رؤساء الأمم يسودونها، وإنَّ أكابرها يتسلّطون عليها”. وتُصوِّبُ التفكير : “فليسَ الأمرُ فيكُم كذلك”.
تتحدَّرُ كلمة سلطةٍ من فعلٍ يعني “الحَمْلُ على النُّمو”. الإنسانُ الذي يمارس السلطة: أسقف، رئيس دير، مسؤول، رب عائلة، مُرَبٍّ… هو من يساعد الآخرين لأن يُمسوا أحراراً ومسؤولين، يرتقي بهم إلى كمال إنسانِيَّتِهم، وحياتِهم البنويَّة مع الله، يوفّر لهم الشروط اللازمة لانشراحهم وفرحهم. بهذا المعنى، يُسمّي البابا نفسَه: “خادمَ خُدَّام المسيح”.
وعلى الفور، تُقدِّمُ نفسك مثالاً متشبِّهاً بالخادم. إنَّ تفانيكَ عظيمٌ في سبيلِ من تخدمُ، إلى حد أنَّك لم تَتَردَّد في أن تُقَدِّمَ نفسَك فِديةً عنهم . وكَشَفْتَ هكذا عن معنى حياتك وموتك، مُظهرًا بأي طريقة تُحقِّقُ خلاصَنا. وستترك لنا هذه الوصية الروحية “أحبّوا بعضكم بعضًا كما أحبَبتُكُم” وأيضًا: “أنا بينكم كالذي يخدُم”. وفقًا لمنطقك الإلهي : الخدمة والمحبة لا تنفصلان.
لِنُصَلِّ:
یا رب هَبْني التواضُعَ الذي طالما أفتقدُه في علاقاتي مع الغير. إنتَزِع من قلبي ميولي للسَّيطرة، واحتِكار الحق والمعرفة، وإملاء الدُّروس على الآخرين. ساعِدني لأكون خادمًا، أن أقَدِّمَ حياتي فداءً عن الجميع. معك لا سبيل لليأس، لأنَّه بكَ أَصِلُ إليك.

فصلٌ من رسالة القدّيس بولس الثانية إلى طيموتاوس
10-1:2
يا إخوَتِي،
وأَنْتَ، يا ٱبْنِي، تَشَدَّدْ بِالنِّعْمَةِ الَّتي في المَسِيحِ يَسُوع.
ومَا سَمِعْتَهُ مِنِّي بِحُضُورِ شُهُودٍ كَثِيرِين، إِسْتَودِعْهُ أُنَاسًا أُمَنَاء، جَدِيرِينَ هُم أَيْضًا بِأَنْ يُعَلِّمُوا غَيْرَهُم.
شَارِكْنِي في ٱحْتِمَالِ المَشَقَّاتِ كَجُنْدِيٍّ صَالِحٍ لِلمَسِيحِ يَسُوع.
ومَا مِنْ جُنْدِيٍّ يَنْهَمِكُ في الأُمُورِ المَعِيشِيَّة، إِذا أَرادَ أَنْ يُرْضِيَ مَنْ جَنَّدَهُ.
ومَنْ يُصَارِعُ لا يَنَالُ إِكْلِيلاً إِلاَّ إِذا صَارَعَ بِحَسَبِ الأُصُول.
والحَارِثُ الَّذي يَتْعَبُ لَهُ الحَقُّ بالنَّصِيبِ الأَوَّلِ مِنَ الثَّمَر.
تأَمَّلْ في مَا أَقُول: والرَّبُّ سَيُعْطِيكَ فَهْمًا في كُلِّ شَيْء!
تَذَكَّرْ يَسُوعَ المَسِيحَ الَّذي قَامَ مِنْ بَينِ الأَمْوَات، وهُوَ مِنْ نَسْلِ دَاوُد، بِحَسَبِ إِنْجِيلِي،
الَّذي فِيهِ أَحْتَمِلُ المَشَقَّاتِ حَتَّى القُيُودَ كَمُجْرِم، لكِنَّ كَلِمَةَ اللهِ لا تُقَيَّد.
لِذلِكَ أَصْبِرُ على كُلِّ شَيْءٍ مِنْ أَجْلِ المُخْتَارِين، لِيَحْصَلُوا هُم أَيْضًا على الخَلاصِ في المَسِيحِ يَسُوعَ مَعَ المَجْدِ الأَبَدِيّ.
والتسبيح لله دائماً