الى تل ابيب يصل الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين حاملا، بحسب ما يزعم الاعلام الاسرائيلي رسالة من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بالامتناع عن القيام بعمل عسكري واسع في لبنان. ذلك ان “الجميع يدرك في الولايات المتحدة وإسرائيل أنّ حرباً مع حزب الله يمكن أن تؤدي إلى حرب متعددة الساحات، وان هوكشتاين سيبذل جهداً إضافياً للوصول إلى تسوية في الشمال ، الا ان المشكلة هي أن تسوية كهذه مرتبطة أيضاً بوقف النار في غزة.
ليست زيارات هوكشتاين وسائر الموفدين من سياسيين وعسكريين وأمنيين اميركيين لاسرائيل جديدة، فهي لم تتوقف منذ اندلاع المواجهات العسكرية اثر عملية طوفان الاقصى التي تدخل عامها الثاني بعد أقل من شهر، وتندرج كلها في سياق الطبيعية ما دامت الدولتان حليفتين، ولو ان الفترة الاخيرة شهدت بعض التباينات في مواقف قادة البلدين على خلفية عدم ارتداع رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو عن ارتكاب المجازر بحق الفلسطينيين، وقد فاق عدد شهدائهم كل المنطق والمعقول بالمفهوم الانساني، وبلغ اكثر من اربعين الفا حتى اليوم. الا ان التباين لا يلغي الودّ ،خصوصا ان الادارة الاميركية على عتبة انتخابات رئاسية ، يشكل الصوت اليهودي ثقلا كبيرا فيها ، وتبعاً لذلك يتصرف نتنياهو ويمضي في حروبه الرعناء.
وعلى رغم ارتفاع وتيرة التهديدات الاسرائيلية من الحكومة كما المعارضة بشن عمل عسكري ضد حزب الله للقضاء على خطره الكامن على الحدود الشمالية، بالتوازي مع تحذيرات دولية تصل الى لبنان من كل حدب وصوب بوجوب التنبه للنوايا الاسرائيلية وردع الحزب وضرورة تطبيق القرار 1701 بالتراجع الى خلف الليطاني، معطوفة على احاديث سياسية واعلامية عن خطة اسرائيلية لمحاصرة حزب الله عن طريق سوريا لقطع طرق الامداد عنه قبل شن حرب على لبنان، على رغم كل هذا، تقول اوساط دبلوماسية لـ”المركزية” ان اسرائيل عازمة على ابقاء ستاتيكو الاوضاع العسكرية والامنية على حاله، بمعنى انها لن تذهب أبعد مما يحصل حالياً، ولن توقف المواجهات ، على قاعدة لا حرب ولا سلم. فهي تسعى مقابل وقف الحرب الى تسوية شاملة تمهّد لتطبيع عربي معها يقيها خطر الحروب والاستهداف كل فترة زمنية او شن عمليات عسكرية مباغتة ضدها ،على ما حصل في 7 تشرين الاول الماضي، مستفيدة من استحقاق الانتخابات الرئاسية الاميركية ووضع البطة العرجاء الذي تقبع في ظله الادارة راهنا والمستمر الى حين تسلم الادارة الجديدة السلطة، والا وخلاف ذلك ستمضي في مخططها المرتكز الى سياسة الارض المحروقة في جنوب لبنان واغتيال قادة حزب الله وتدمير مستودعات الاسلحة خاصته ومصانع السلاح بما يسهم في اضعافه، بالتوازي مع دكّ مواقع اذرع ايران العسكرية في سوريا ومواقع البحوث التي تنتج المسيرات والصواريخ الدقيقة، وهي كثفت غاراتها في الأيام الاخيرة.
اما الحرب الشاملة والتلويح بها فمجرد تهويل لا أكثر ، تضيف الاوساط، ذلك ان نتنياهو الذي يبيد الفلسطينيين ويدمر جنوب لبنان ويقلّم اذرع ايران من دون رد يناسب حجم اقترافاته، مرتاح للوضع، بدليل ان ايران لم ترد حتى الساعة على اغتيال اسماعيل هنية،وما ردت عليه سابقا مجرد ” حفظ ماء وجه” لا أكثر، فزخات صواريخ نيسان الليلية لم يرف جفن لإسرائيل بفعلها، ومثلها ما اطلقه الحزب في تموز الماضي ردا على اغتيال فؤاد شكر. وبديهي السؤال هنا لماذا يورط “مجرم القرن” نفسه في حرب واجتياحات عسكرية تكبّده خسائر مادية وبشرية ما دام يحصل على ما يريد من دونها،وبأقل نسبة من الضرر، خصوصا في ظل نقمة عارمة من المعارضة وأهالي الرهائن لدى حماس ازاءه، ستتضاعف حتما ، إن هو اقدم على الحرب؟
تستعجل الحكومة الاسرائيلية تنفيذ مخططها بتدمير جنوب لبنان واغتيال العدد الاكبر من قادة الحزب، قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة المرجح أن تصوت ، الأسبوع المقبل، على مشروع قرار فلسطيني يطالب إسرائيل بإنهاء “وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة” خلال 6 أشهر، تأكيدا على الرأي الاستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في تموز الماضي، وتستخدم للغاية ورقة مفاوضات غزة وتحرك مواقفها كالبورصة صعودا وهبوطا بحسب ما يناسب مخطط ابقاء المواجهات قائمة والافاق مفتوحة امامها للتحرك بحنكة وسهولة.
نجوى ابي حيدر ـ المركزية