تحضير لحصر الجرم بالإختلاس ثم إسقاطه لعدم ثبوته؟ بدء التسويف في استجواب سلامة

رلى إبراهيم ـ الأخبار

تحضير لحصر الجرم بالاختلاس ثم إسقاطه لعدم ثبوته؟ بدء التسويف في استجواب سلامة

(مروان بوحيدر)

يعقد قاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي اليوم، جلسة ثانية لاستكمال التحقيق في الملف المتعلّق بالادّعاء ضد الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة، بعدما أصدر مذكّرة توقيف وجاهية بحقّه الإثنين الماضي. وبحسب المعلومات، طلب حلاوي الاستماع إلى ثلاثة شهود، هم مدير مديرية القطع والعمليات الخارجية في مصرف لبنان نعمان ندور ومدير الشؤون القانونية في المصرف بالتعاقد بيار كنعان وحاكم المصرف بالإنابة وسيم منصوري أو من ينوب عنه (كلّف منصوري ندّور بتمثيله). غير أن معلومات «الأخبار» تفيد بأن ندور وكنعان اللذين قرّرا تلبية الدعوة تراجعا عن ذلك مساء أمس بحجة عدم تبليغهما قبل 3 أيام على الأقل. وهو ما سينعكس سلباً على الجلسة وقد يؤثّر على انعقادها، خصوصاً أن المستدعييْن الآخريْن المتورطيْن بشكل مباشر في الملف، المحامييْن ميكي تويني ومروان عيسى الخوري اللذين أجرى الحاكم السابق تحويلاً مالياً بقيمة 42 مليون دولار عبرهما من المصرف المركزي وإليه، موجودان خارج لبنان، ولم تمنح نقابة المحامين في بيروت الإذن برفع الحصانة عنهما بعد.يأتي استدعاء ندور نظراً إلى أن منصبه في المصرف يحتّم مرور كل التحويلات المالية خارج «المركزي» عبره، وقد ورد اسمه بوضوح في ملف شركة «فوري» (يملكها رجا سلامة شقيق الحاكم السابق) التي يحقق المدّعون الأوروبيون في تورطها في تحويلات تزيد على 330 مليون دولار اختُلست من مصرف لبنان، من خلال عقد أتاح لها الحصول على عمولات من بيع المصارف اللبنانيّة سندات اليوروبوند وسندات الدين بالليرة اللبنانيّة، إضافة إلى شهادات الإيداع الصادرة عن «المركزي». وسبق للقضاء اللبناني أن فتح تحقيقاً حول تورط الشركة في الاختلاس والتزوير والإثراء غير المشروع، واستجوب القاضي جان طنوس ندور، بعدما أظهرت التحقيقات أن العمولات المستوفاة من زبائن «المركزي» كان مصيرها بيد الأخير الذي كان يعمد إلى تسجيلها في حساب مفتوح لدى المصرف المركزي (رقمه: 01.260.632.009). وأقرّ ندور بأن سلامة كان يطلب منه تحويل الأموال المستوفاة إلى حساب «فوري» في مصرف HSBC في سويسرا، وبعدما كان يسلّم الحاكم السابق مستنداً بإنجاز عملية التحويل، كان الأخير يضيف عليه، بخط اليد، عبارة «من خارج أموال مصرف لبنان» قبل أن يوقّعه.
مرافقة ندور لسلامة في كل تفاصيل التحويلات حوّلته إلى ما يشبه «الشريك»، لذلك من الطبيعي أن شهادة ندّور – إن حضر – ستدعم رواية سلامة بأن الأموال المُستخدمة من حساب «الاستشارات» في مصرف لبنان ليست أموالاً عامة، وأن هذا الحساب من خارج ميزانية مصرف لبنان، وهي الرواية التي في حال إثباتها، تسقط عن سلامة تهمة الاختلاس، ما يخرجه بريئاً. ولا يختلف الأمر بما يخص بيار كنعان الذي يُعتبر أحد الرؤوس الأساسية في المصرف إلى جانب ندور لامتهانه، ومن أصحاب «الفتاوى القانونية» للتغطية على ارتكابات الحاكم، كما في تحويل الخسائر إلى أصول والإتاحة للحاكم قانونياً تسجيلها في حساب خاص سُمّي «الأصول الأخرى» (other assets).

موقف ملتبس لوزير العدل وماذا وراء رفض حضور رئيسة هيئة القضايا جلسات الإستجواب؟


في سياق آخر، تفاعلت مسألة عدم سماح القاضي حلاوي لرئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل هيلانة إسكندر بحضور جلسة استجواب سلامة، رغم تمثيلها قانونياً الدولة اللبنانية وطلبها الانضمام إلى الدعوى العامة والادّعاء بجرمَيْ تبييض الأموال والإثراء غير المشروع. وفي حين تقدّمت إسكندر باستئناف لقرار القاضي بوجوب إبراز رخصة من وزير المال منذ الثلاثاء الماضي، إلا أن حلاوي لم يطّلع على طلبها بعد، ولم يحله إلى الهيئة الاتهامية للبتّ فيه، ومن المُرجّح ألا يسمح لها بحضور الجلسة اليوم، إن عُقدت. ويُخشى أن يكون ادّعاء إسكندر بجرمَيْ تبييض الأموال والإثراء غير المشروع هو ما قاد إلى استبعادها ورفض انضمامها إلى الدعوى، تحضيراً لحصر الجرم بالاختلاس ثم إسقاطه لعدم ثبوته. فيما إضافة مواد جرمية كتبييض الأموال عبر المحامييْن تويني وعيسى الخوري ستُعقّد المسألة وتفتح ملفات جديدة لا رغبة بفتحها. وقد بدا لافتاً جواب وزير العدل هنري خوري في مقابلة صحافية حول حق إسكندر بحضور الجلسات كممثّلة للدولة اللبنانية، بأن «هناك آراء من هيئة التشريع والاستشارات تؤكد وجوب التقدم بطلب إلى الوزارة المختصة التي هي وزارة المال، لأن هذه القضية تشمل الدفاع عن الأموال العامة»، علماً أن قرار هيئة التشريع والاستشارات التي ترأسها زوجته جويل فواز غير ملزم. وجاء في رأي فواز الذي استند إليه خوري، والصادر في عام 2020، عقب طلب وزيرة العدل السابقة ماري كلود نجم منها إبداء الرأي حول مدى وجوب وقوف هيئة القضايا التابعة للوزارة على الرأي المسبق للوزير المختص، بالإشارة إلى أن «أي ادّعاء أو إجراء قانوني أو قضائي من قبل الهيئة يكون متوقفاً على طلب يوجه إليها من قبل الوزير المختص». يومها اعتبرت فواز أن هيئة القضايا مجرد «مكتب محاماة يتولى تمثيل الدولة شأنها شأن أيّ محام عادي»، مسقطة أن المادة 18 من تنظيم وزارة العدل تشير بوضوح إلى تولي هيئة القضايا بنفسها إقامة الدعاوى باسم الدولة والدفاع عنها في الدعاوى المقامة عليها في الداخل والخارج، وإعداد الاستحضارات واللوائح والمذكّرات، وتوقيعها والمثول أمام جميع المحاكم، والقيام بكل الأعمال التي يتطلبها الدفاع عن مصالح الدولة أمام المحاكم، سواء أكانت مدّعية أم مُدّعى عليها. كما أن وزير العدل أسقط عن قصد أو غير قصد تجربة ماثلة في عهده، جرت في نيسان 2023، عندما انضمت هيئة القضايا إلى الدعوى المُقامة في النيابة العامة الاستئنافية ضد رياض سلامة وشقيقه رجا ومن يظهره التحقيق، إذ لم تطلب الهيئة يومها إذناً من وزير المال بل أرسلت إليه القاضية إسكندر كتاباً لاحقاً تعلمه فيه بانضمامها إلى دعوى النيابة العامة المالية، وردّ الوزير يوسف خليل بكتاب يحمل الرقم 663/ص يقول فيه إن الوزارة قد أخذت علماً بالأمر، وإن على هيئة القضايا القيام بما تراه مناسباً، ليختم بالعبارة التالية: «مع العلم أنه قانوناً لا علاقة لوزارة المالية بإبداء الرأي بشأن موضوع الادّعاء بحق المُدّعى عليهم».

رلى إبراهيم ـ الأخبار