متأخرة جدا جاءت ورقة الحكومة اللبنانية التي تظهر القواعد الهادفة إلى تحقيق الاستقرار على المدى الطويل في الجنوب، ولكن، وتبعا للمثل الفرنسي ” خير ان تأتي متأخرة من الا تأتي ابدا”. ورقة لا يمكن الا الاقرار بأنها تضمنت جديدا وجريئاً الى حدّ ما، انما الجرأة مدموغة بموافقة حزب الله المتكاملة معه حكومة لبنان الى الحد الاقصى، والا لكانت منذ 8 تشرين الاول الماضي حينما قرر فتح جبهة الاشغال خاصته لمساندة غزة، لم تتوانَ عن المطالبة ورفع الصوت بضرورة وقف الحرب ورفض فتح جبهات من دون مشاورتها والمجاهرة بحتمية التطبيق الفعلي للقرار 1701 واتخاذ اجراءات لمنع توريد لبنان في ما ليس له فيه على غرار ما فعلت سائر الدول الجارة لاسرائيل.
تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية” ان تطبيق بنود القرار 1701 لم يعد مسألة متعلقة لا بالحزب ولا بالحكومة ، وما كان ساريا عام 2006 لم يعد كذلك اليوم. ذلك ان اسرائيل ستشرف في شكل واضح، عن طريق الولايات المتحدة الاميركية على الاجراءات والخطوات التي ستتخذ ابان تطبيق القرار الدولي ، بما يؤمن حدودها وامن سكانها في الشمال، ما يعني عمليا ان لا مجال للحكومة للتسويف وتغطية الحزب على غرار عام 2006 ولا العودة الى ما قبل 8 تشرين .
وتضيف: ثمة اشكاليتان اساسيتان يصطدم بهما الحزب اليوم. الاولى اصرار اسرائيل على عدم العودة في غزة الى ما قبل 7 تشرين وفي لبنان الى ما قبل 8 تشرين، اي ألا تكون حماس على المستوى السياسي في غزة، ولا يكون وجود للحزب على مسافة عشرة كيلومترات من الحدود في لبنان كمرحلة اولى. فهي عازمة على عدم انهاء الحرب قبل ان تتأكد من الاجراءات التي ستتخذ لتوفير غلاف امني لحدودها، علما ان تل ابيب لا تثق بالحكومة اللبنانية لادراكها انها في حال تكامل مع حزب الله.. هذا المعطى لا يستطيع حزب الله تغييره لأنه ليس محليا انما اقليمي اميركي ، ولا يمكن لواشنطن ان تمضي في الموافقة على اي تدابير او اجراءات لا تقبل بها اسرائيل التي وضعت سلسلة اهداف من ضمنها عدم العودة الى ما قبل 8 تشرين .اي لا تواجد عسكري وامني لحزب الله على الحدود التي تصبح والحال هذه في موقع الساقطة عسكريا ولن تكون في متناول حزب الله، للمرة الاولى منذ العام 2006 .
الاشكالية الثانية في وجه الحزب هي المعارضة، تضيف المصادر، التي تخوض حربا سياسية لانقاذ لبنان ولن تكون تاليا في وارد التساهل مع اي اجراءات تبقي احتمالات استمرار الحرب، بل ستشكل العين الساهرة ،وستؤكد من خلال مواقفها المستمرة وثوابتها وجوب التطبيق الفعلي للقرار 1701، ان بالنسبة لمرحلته الاولى والكيلومترات العشر او بسائر مراحله المتعلقة بعدم التواجد العسكري والامني للحزب جنوب الليطاني ثم تطبيق مختلف بنود القرار، لجهة الا يكون هناك اي سلاح وضبط تمرير السلاح من الخارج باتجاه لبنان. وتردف : ان ما حصل في 2006 من إخلال في التطبيق الجدي للقرار الدولي يتحمل مسؤوليته المجتمع الدولي الذي تقاعس في التطبيق ويتحمل مسؤولية هذا التقاعس.لكن الامور اختلفت اليوم واسرائيل لن تقبل بتكرار التجربة واضطرارها لخوض حرب جديدة وستكون حتما حريصة على السهر على كيفية تطبيق الاجراءات.
تطبيق الـ1701 يعني عمليا انتفاء دور المقاومة ومبررات استمرار وجود حزب الله بالحد الادنى، لان الحد الاقصى وارد ايضا ويتعلق بما يطلبه نتنياهو والشروط الاسرائيلية الممتدة من غزة الى جنوب لبنان وصولا الى ايران . اذ لم يعد تهديد وجود اسرائيل يتعلق بحماس داخل كيانها وحزب الله على حدودها، انما بإيران التي تمول هذه التنظيمات وتسلحها ، بحيث قد تذهب الامور الى الحد الاقصى هذا، المتصل بوضع برنامج ومشروع ودور ايران على الطاولة .
تطبيق الـ1701 فعلياً، ينهي علة وجود حزب الله. فهل طهران في هذا الوارد ؟ وهل تخطّ عملية طوفان الاقصى نهاية اذرع ايران بدءا من لبنان ؟ السيناريوهات كثيرة واكثر منها جنون بنيامين نتنياهو الذي تحوّل فزاعة ليس لغزة التي اختبرت جنونه من خلال اجرامه فحسب، انما للمنطقة بأسرها ولإيران وصولا الى الولايات المتحدة الاميركية ربما، تختم المصادر.
نجوى ابي حيدر_ المركزية
نجور أبي حيدر ـ المركزية