علي يوسف
كان عادياً جداً تأكيد سيد المقاومة الرد على الاغتيالات وعلى العدوان على الضاحية وعلى ايران وعلى الحديدة في اليمن وعلى العراق إن من قبل المقاومة في لبنان او من قبل ايران او من قبل ابطال اليمن والعراق ..
وكان عاديا ان يبرز واقع القوة لدى المقاومة وواقع الضعف في الكيان الصهيوني وفي الجيش الصهيوني ومن وراءه …
الا ان كلمة سيد المقاومة في ذكرى اسبوع الشهيد القائد سيد محسن فاقت كل التوقعات .. بل يمكن القول انها المرة الاولى التي يحدد فيها سيد المقاومة ما اطلق عليه اسم “الافق ” الذي يحدد المنطلق ويحدد المسار ويحدد الهدف ….
لقد اعادها السيد مرات عدة في كلمته وكررها في وصف طبيعة عمل قيادات المقاومة فقال :
” الشهيد رضوان كان يعمل بأفق والشهيد @ سيد محسن كان يعمل بأفق والشهيد ذو الفقار وابوطالب ونعمة وغيرهم من القادة كانوا يعملون بأفق “….. والمقاومة كانت دائما “تعمل بأفق ” ..
وكلمة الافق هنا لا تعني فقط معرفة و وضوح الهدف بل تعني معرفة و وضوح الواقع والمسار وطريقة العمل وشروطه والتطوير والتجهيز وتأمين المتطلبات اللازمة على انواعها للوصول الى تحقيق الهدف ….ولعل هذا ما جعل منهم بناة بنيان ثابت وقوي ومتطور القدرة والفاعلية وليس فقط قادة مميزون …..
ولم يكتف السيد بالاشارة الى” الأفق “بل ذهب في النصف الاول من كلمته الى عرض ووصف وشرح هذا الافق ضاربا عميقا في وعي من هو قابل للفهم من النخبة الى العموم حيث كعادته لا يبخل في تقديم وتعميم الوعي فكرا وممارسة ..
لم يكن حدث عادي ان يعلن سيد المقاومة ان الكيان الصهيوني ومن وراءه اميركا والغرب يهدفون ويعملون اليوم في هذه المعركة القائمة التي ينفذها الجيش الصهيوني في غزة والضفة على تثبيت و استكمال مشروع ” اسرائيل الكبرى من النهر الى البحر” وان مشروع محور المقاومة في مواجهته الآن يعمل كخطوة اولى على افشال الهدف الصهيوني -الغربي من هذه الحرب على طريق افشال كامل المشروع الصهيوني والوصول الى” فلسطين من النهر الى البحر ” …
ولم يكن حدث عادي ان يعلن سيد المقاومة ان كل “الوساطات ” التي تطرح خلال المفاوضات تهدف الى دعم المشروع الصهيوني ..وان كل الادعاءات الاميركية حول “محاولات حماية المدنيين او حل الدولتين “
هي كذب وخداع لإعطاء الفرص للكيان الصهيوني لاستكمال مشروعه …
لم يكن حدث عادي ان يعلن ويؤكد سيد المقاومة ان المشروع الصهيوني لا يستهدف فقط الفلسطينيين و محور المقاومة بل يستهدف ايضا مصر والاردن ودول الخليج والاقليم بأكمله كونه مشروع شرطي سيطرة اقليمية وكجزء من الصراع الدولي ….
لم يكن حدث عادي ان يؤكد سيد المقاومة ان نتنياهو ومن ورائه الاميركيين والغرب لا يريدون وقف الحرب قبل استكمال اهدافها اي انهاء القضية الفلسطينية ..
ولم يكن حدث عادي ان يعلن السيد ان الكيان الصهيوني اقدم على ضم الجولان ومزارع شبعا وانه بنتيجة هذه الحرب في حال فوزه سيضم غزة والضفة ..
ما قاله سيد المقاومة في عرض وشرح
“افق “هذه الحرب يعني بكل بساطة اننا في حرب مفتوحة ولسنا في معركة وان كل الحديث عن وقف العدوان والمفاوضات لن تأتي بنتيجة وانه لابد من رابح وخاسر واذا ربح العدو الصهيوني سيسيطر @على كل المنطقة واذا ربحت المقاومة ومحورها ستعود فلسطين الى اهلها وتتحرر المنطقة وارادتها وقرارها وتتمكن من السير نحو التنمية والتطوير السياسي والاقتصادي وتحقيق الرفاه لشعوبها من ضمن نظام اقليمي جديد ….
لعل كلمة سيد المقاومةبما تضمنته هي احدى مفاجآت المرحلة .. المرحلة التي وصفها السيد بأنها الأكثر اهمية وحساسية وتاريخية في تاريخ المنطقة الحديث ..
ولا يجوز فهم كل ماورد لاحقا في الكلمة من تكتيكات و شعارات وتحديدات وقرارت الا في اطار صورة” الافق ” التي تعمل المقاومة في اطاره و هَديِهِ والتي رسمها في القسم الاول من كلمته ..
ولا بأس بعد ذلك كله من تأكيد الرد وبعض استعراض القوة والحكمة ومن بعض الطمأنينة الداخلية لتخفيف الذعر لدى بعض المذعورين …
ولكن لا بأس ايضا من القول ان “الأفق “يدلنا الى اننا في المرحلة التنفيذية الاقليمية من الحرب الكبرى التي يفترض ان تتعدى الاقليم والتي ستسبق رسم الخرائط الجديدة والنظام الذي سيحتضن تعدد الاقطاب ……
كما يدلنا “الافق” ان انتخاب السنوار رئيسا للمكتب السياسي لحركة حماس ليس هو فقط بمثابة رد على اغتيال الشهيد بل يتعدى ذلك الى كونه تعبيرا واضحا عن اننا في مرحلة الحرب المفتوحة وليس في مرحلة المفاوضات حول شروط تسوية مؤقتة باتت شبه مستحيلة في “افق” وطبيعة الحرب القائمة ..
واذا كان الناطق باسم حركة حماس اسامة حمدان قد أكد حين الاعلان عن انتخاب السنوار على استمرار المفاوضات وبفريق المفاوضات عينه فإن هذا الاعلان لا يعدو كونه مراضاة للوسيطين القطري والمصري ومراعاة لاستمرار علاقة الحركة بقطر ومصر وان كانت هذه العلاقة باتت شكلية …