داني حداد
كأنّه فيلم سبق أن شاهدتَه. سيناريو معروف، كما في المسلسلات التي تكتشف نهاياتها منذ الحلقة الأولى. مجلس الحكماء يصدر توصيته بفصل ألان عون. يتريّث جبران باسيل في إصدار قراره، ليظهر بمظهر الحريص. يمهّد لقراره بسلسلة مواقف “يشيطن” فيها عون. ثمّ يصدر القرار ليأتي بعده الدعم: موقفٌ من ميشال عون يحوّل فيه ابن شقيقته الى “شلحٍ يابس” يجب تشحيله.
وصف ميشال عون نفسه بـ “المزارع”. كلامه عن ألان عون، وهو يبتسم، مهين. ذكّرني بقولٍ سمعته مرّةً من مقرّبٍ منه: “ميشال عون بياكل وبِلعوِس وبيبزُق”. المقصود أنّه لا يحفظ جميلاً ولا يأبه بما يفعله الآخرون من أجله، ولا بمن يسقطون شهداء على الطريق. المهمّ هو تحقيق الهدف. هكذا فعل في طريقه إلى الرئاسة، حين غفل عن تاريخه ومبادئه وأفكاره، عبر تسوياتٍ وتنازلات. حتى التفاهم المسيحي التاريخي كان ينظر إليه عون من باب المصلحة الرئاسيّة، وآخر همّه طيّ صفحة الماضي وتلك الشعارات التي اكتشف كثيرون، متأخّرين، أنّه يستخدمها ويمارس عكسها. نهايةٌ تعيسة لرجلٍ استثنائيّ.
وها هو اليوم “يبزق” ابن شقيقته، و”يشحّل” غصناً إضافيّاً من العائلة التي تشرذمت، بمقصَّي عون وباسيل.
لم يكن قرار فصل ألان عون بسبب تلك الحجج الواهية التي ذُكرت في بطن القرار. “طلعت ورقتو” حين قرّر أن يترشّح الى رئاسة “التيّار” في مواجهة باسيل. إن تجرّأ على ذلك في ظلّ حضور عون وقوّته، فماذا سيفعل لاحقاً؟ منذ ذلك الحين، صدر قرار تصفيته.
وبهدف إقناع “القاعدة”، كان شعار الالتزام والوفاء. فليسمح لنا ألان عون ومن يدعمه، نوّاباً وكوادر وناشطين ومناصرين. يجب الالتزام بالمبادئ الماليّة، بدل الانقلاب عليها في التسوية مع سعد الحريري. يجب الالتزام بمحاربة الفساد، بدل بناء الجسور مع نبيه بري. كانت مشكلة “التيّار” مع حزب الله أنّه يضع علاقته مع بري أولويّةً، قبل بناء الدولة. بات طموح باسيل اليوم بناء الدولة مع بري، في وقتٍ يتّهم “الحزب” بخوض حربٍ لا علاقة للبنان بها. التزام “عالسكّين يا بطيخ”، ما دمنا في الكلام عن الزرع والمزارعين.
حين شاهدت، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مقطعاً من مقابلة ميشال عون مع OTV يتحدّث فيه عن “التشحيل”، فكّرت بثلاثة: ألان عون الذي شبّ على رمزٍ هو خاله، وهو المثل الأعلى، فناضل، من فرنسا الى لبنان، ليس من أجل لبنان فقط، بل خصوصاً من أجل “الجنرال”. وبوالدته التي سمعت شقيقها يصف ابنها بالغصن اليابس. وبالكثير من “التيّاريّين” الذين يشعرون بحزنٍ شديدٍ على ما حلّ بحزبهم، وقد عبّر كثيرون منهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الأيّام القليلة الماضية.
لا يأبه باسيل لذلك كلّه. هو يبحث حاليّاً عن الضحيّة القادمة، مستخدماً، على الأرجح، السيناريو المكشوف نفسه.
أمّا عبارة “التشحيل” فتختصر ميشال عون. أكَلَ، لعْوَسَ وبصق. هو مطمئنّ، إذ سيقول كثيرون “عم تشتّي”.