منذ الضربة القاسية التي تلقاها “حزب الله” باغتيال أحد أهم قادته العسكريين فؤاد شكر في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت وأعقبها اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية في العاصة الايرانية طهران، وقف العالم على “رجل ونصف” ولا يزال بانتظار الرد “الحتمي” على هاتين العمليتين، وهو ما وعد به المرشد السيد علي خامنئي والأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله.
وإذا كان الرد حتمياً وهو آت بلا ريب، الا أن السؤال الأكبر هو هل سيكون هذا الرد بالقوة التي تعيد إلى الجمهورية الايرانية وإلى الحزب على السواء بعضاً من ماء الوجه الذي فقداه نتيجة الخرقين الأمنيين الكبيرين؟ ويستتبع ذلك السؤال ما إذا كان هذا الرد مؤلماً لاسرائيل كما وعد “المرشدان”، فهل سيكون “الردّ على الرد” سبباً لدخول المنطقة في أتون حرب موسعة لا أحد يمكنه التكهّن بمدتها ولا بأضرارها المادية والسياسية؟
يستغرب مصدر نيابي مقرّب من الفريق الممانع هذه المعادلة، ويقول لـ “لبنان الكبير”: “لقد تجاوزت اسرائيل كل الخطوط الحمر ولم يعد هناك ما نخشاه، سوف نلقن العدو درساً لن ينساه. انتظر وسترى”.
وعلى الرغم من المناشدات الدولية للأطراف المعنية أي إيران و”حزب الله” وإسرائيل بلجم التصعيد مخافة الذهاب إلى حرب مفتوحة، ومطالبة معظم الدول رعاياها الموجودين في لبنان بالمغادرة على وجه السرعة، إلا أن اللبنانيين يعيشون في قلق دائم بانتظار الرد وربما الرد على الرد، مع بدء مفاعيل هذا الجو بتكبيد القطاعات الاقتصادية وتحديداً السياحية الخسائر لتزيد على تلك المتراكمة منذ أعوام عديدة.
وتبدو الضغوط الأميركية على إسرائيل لكبح جماح رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو وكأنها صرخة في وادٍ من ناحية، ومن ناحية أخرى وكأنها استكمال لمسرحية سمجة بإخراج سيء، إذ لا يعقل أن يتمادى نتنياهو في توجيه ضربة إلى عمق العاصمة الايرانية لاغتيال هنية من دون أن يكون الأميركيون على علم بهذه المغامرة الخطيرة التي لن تستطيع طهران ابتلاعها بسهولة ومن دون الرد عليها ولو أنها تبدو محرجة في ذلك.
لكن المصدر النيابي الممانع يؤكّد أن الرد الذي سيأتي مدروساً في الوقت والمكان لن يكون بإمكان إسرائيل ونتنياهو تجاهله وإذا أراد الرد عليه “عندها لا حول ولا قوة إلا بالله. فلتكن الحرب وستكون بداية النهاية بالنسبة الى هذا الكيان الغاصب والمحتل”.
وهذا الكلام ليس بجديد على قيادات هذا المحور فقد سمعناه من القادة الايرانيين وتحديداً من المرشد خامنئي كما من قيادات “حزب الله” وعلى رأسها السيد نصر الله، غير أن مصدراً نيابياً وسطياً يبادر إلى القول: “ما كل ما يشتهي المرء يدركه”.
ويؤكد المصدر الوسطي أنه في الصراع مع العدو الاسرائيلي “سنقف بالتأكيد إلى جانب حزب الله في مقاومته وهذا لن يكون بموقف جديد بالنسبة إلينا، فعدونا الأول والوحيد هو إسرائيل، لكن على الحزب والجمهورية الاسلامية في إيران تقدير الموقف واختيار مستوى الرد المؤلم والموجع للعدو الصهيوني من دون أن يعرضا المنطقة إلى حرب ستكون احتمالات توسعها لتصبح عالمية كبيرة وهذا ما يتمناه نتنياهو ويحاول جر الولايات المتحدة إليه”.
وفي ضوء تصريحات المسؤولين الاسرائيليين السياسيين والعسكريين، فإن العدو الصهيوني أعلن جهوزيته التامة للرد المتوقع من محور الممانعة لكنه في الوقت نفسه يؤكد أنه سيرد “الصاع صاعين” على أي جهة ستأتي منها الضربة، وهذا يعني أن “الرد على الرد” هو أيضاً حتمي.
وبانتظار الرد، واحتمال الرد عليه، فإن شعوب المنطقة تعيش لحظات قلق حول ما سيأتي به اليوم أو الغد أو بعد غد، وتأمل في أن تنجح الوساطات الدولية في التخفيف من تداعيات ما هو آت. الله يحمي لبنان واللبنانيين.
صلاح تقي الدين _ لبنان الكبير