قبل أن ترحل كوليت نوفل أمس الثلثاء عن 78 عاماً، بدأت تذوي شيئاً فشيئاً، منذ أن توقف بعد عام 2019 مهرجان بيروت الدولي للسينما الذي تولّت إدارته اعتباراً من 1997. من وسط بيروت المدمّر، قبل إعادة أعماره، أطلقت الدورة الأولى بخمسة عشر فيلماً، وعلى مرّ السنوات راح المهرجان يتسع حجماً ليضمّ سنوياً ما بين 60 و80 فيلماً، ويكبر مكانةً إذ أضحى ذا بُعد إقليمي، يستقطب سينمائيي المنطقة. وإلى جانب إتاحته مدى دوراته الثماني عشرة للجمهور اللبناني مشاهدة أفلام أبرز المهرجانات الدولية، مِن كان إلى برلين، مروراً بالبندقية، استضاف عدداً من كبار السينمائيين العالميين، كفرنسيس فورد كوبولا وجولييت بينوش وجولي غاييه وجانفرانكو روسي وسواهم. ووفّر منصة لإبراز أفلام المخرجين اللبنانيين، المعروفين منهم والصاعدين من طلاب الجامعات، ومساحة لعرض أفلام السينمائيين الإيرانيين المقموعين في بلدهم، كعباس كياروستامي وجعفر بناهي. وتحدّت كوليت الرقابة اللبنانية مراراً، وخاضت المعارك معها حتى طوّعتها وجعلتها أكثر انفتاحاً، وكانت تصرّ على عرض الأفلام الممنوعة ولو بعد حين. ومع أن المهرجان اضطر إلى الغياب في بعض السنوات الصعبة، كما في 2004 و2005 بسبب الاغتيالات، كانت تتمسك بإقامته رغم كل الصعوبات، كما في 2006، بعد ستة أسابيع من حرب تموز. تمكنت كوليت من أن تجعل لبيروت مهرجانها السينمائي المميز، بما توافر لها من إمكانات محدودة ومن دعم القطاع الخاص، قبل أن تولد المهرجانات الخليجية بقدراتها المالية الكبيرة المدعومة حكومياً. وإن أُخِذّت عليها ثغر في بعض الجوانب، تبقى بلا شك صاحبة فضل كبير في هذا المجال، إذ ساهمت في حيوية سينمائية أعطت صورة ثقافية مشرقة عن لبنان ما بعد الحرب وما قبل الانهيار الكبير. وليس طبعها الناري أحياناً سوى انعكاس لشغف قلّ مثيله، وحرص على التميّز بأدقّ تفاصيله. رحلت كوليت نوفل وفي قلبها غصّة على حلم لم تستطع إكماله. نهاية الفيلم لم تكن سعيدة هذه المرة.• تقام مراسم الدفن ظهر الخميس الأول من آب في كنيسة مار متر- الأشرفية• تُقبل التعازي قبل الدفن وبعده في صالون الكنيسة من الساعة 11 قبل الظهر إلى السادسة مساء، والجمعة من الساعة 11 إلى السادسة مساء.
باسم الحاج