إنجيل اليوم زكّا العشّار .. وتأمّلات روحيّة من كتاب “الإنجيل في صلاة” للأب منصور لبكي

صباح الخير وأحد مبارك للجميع.
إنجيل اليوم بحسب القديس لوقا
لو ۱/۱۹-۱۰
زكّا العشّار
وَدَخَل أريحا وأَخَذَ يجتازها . فَإِذا رَجُلٌ يُدعى زَكَّا وهو رئيس للعَشَّارِينَ، غَنِيٌّ قد جاءَ يُحاول أن يرى مَن هُوَ يسوع، فلم يَستَطِعْ لكثرة الزّحام، لأنّه كان قصير القامة، فتقدَّمَ مُسْرِعاً وصَعِدَ جُمَّيزَةً ليراه، لأنَّه أوشَك أَن يَمُرَّ بها. فلمّا وصل يسوع إلى ذلك المكان، رَفَعَ طَرْفَه وقال له: يا زَكَّا انزِلْ على عَجَل، فَيَجِبُ عَلَيَّ أَن أُقِيمَ اليَومَ فِي بَيْتِكَ. فنَزَلَ عَلى عَجَل واستَضافَه مسروراً. فلما رأوا ذلك قالوا كُلُّهم متذمِّرين : “دَخَلَ مَنزِلَ رَجُلٍ خاطِئ لِيَبِيتَ عِندَه!” فَوَقَفَ زَكَّا فقال للرَّبِّ : “يا ربّ، ها إِنِّي أُعْطِي الْفُقَراءَ نِصْفَ أَمْوالي، وإِذا كُنتُ ظَلَمْتُ أَحداً شَيئاً، أَرُدُّه لَه أَربَعَةَ أَضْعاف” . فقالَ يسوع له : “اليَومَ حَصَلَ الخَلاص لهذا البيت، فهو أيضاً ابن إبراهيم. لأَنَّ ابْنَ الإِنسان جاءَ لِيَبحَث عن الهالِكِ فَيُخَلِّصَه.”

تأملات روحية

يا ربّ، لقد شفَيْتَ لِتَوِّكَ برطيماوس أعمى أريحا. ها هو يتبعك. هل في ذلك ما يَدعو إلى الدّهشة؟ عندما نَحظى بلقاءٍ حَقيقيٍّ معك، ألا نتوق إلى أن نَنعَم بِحَضرَتِكَ؟ أنت لا تَنوي التّوقّف في أريحا. لكنّ قلبك دفعك إلى المرور. لا يُمكِنُه أن يَحتَمِل أَلَمَ الّذين يَرزَحونَ تحتَ عبءِ خطاياهم، هذه طَبيعَتُك. هناك نوعان من الأشخاص يُمكِنُهُما تعديل برنامج عَمَلك:

  • القدّيسون على مِثال أمّك الّذين يلتَمِسونَ آية.
  • أو الخَطأة الّذين يَتوقون إلى التّوبة، على مِثال زَكّا الّذي أصبَحَ مَعروفًا للغاية منذ تَسَلّق الشّجرة وأدرَك أنّك تُشيرُ إليه لِتُقيمَ في بيتِه. هو الخاطئ الذّائع الصّيت، رئيس العشَّارين، أي الّذين يُحبّون الضّرائب لصالح المحتل، يَتوق إلى أن يراك.
    هل لِمُجرَّدِ فُضولٍ منه؟ إنّه غيرُ مبالٍ بِسُخرية النّاس بسبب قصر قامَته، اتَّخَذَ الوسائل لِيَبلغ الهَدف، ولم يَتَردَّد في أن يُسرِعَ مُحاوِلاً تقدّم الحشود. وَبِما أنّ جهودَه لم تُثمِر، صَعِدَ جُمَّيْزَةً يَسهَلُ تَسلّقها، لأنَّ أغصانها السُّفلى على مُستوى الجذع، كانت قَليلة الإرتفاع. كان قد سَمِع النّاس يتحدّثونَ عنك، وَعَرف أنّك شخصيّة فريدة من طراز الأنبياء، يَتصَدّى له رؤساء الكَهنة. لذا تاقَ إلى أن يَلمَح هذا البارّ. لم يَكُن يتوقّع أمراً سوى أن يُلقي نَظرَه على شخصٍ مُختَلِف، وَبدونِ شَكٍّ لن يَحتَقِره. وها اللِّقاء يُحدِثُ زلزالاً وها أنت، من وَسط الحُشود التي تزحَمك، ترفَع عينيك نحوَه وَتُناديه. تلفُظ اسمه. وزيادةً على ذلك، تلتَمِس مِنه أن يستقبلك “اليوم” في بيتِه .
    هذا “اليوم” يُعلِن أنّك مَن يَحمِلُ الخلاص. كما ستُصَرِّحُ لِلِصّ اليمين، على الجُلجُلة “ستكون اليوم معي في الفردوس” (متى ٤٣/٣٢)
    لم يَتمكّن زكّا حتى من الإجابة، غَمَرَهُ الفرح فَنزل على عَجل من جُمَّيزَتِه، كما دَعوتَه أن يفعل. إنَّ عامل السّرعة في إنجيلك هو غاية في الأهميّة.
  • أُمُّكَ قامت ومَضَتْ مسرعةً لزيارة نسيبتها أليصابات.
  • الرّعاة جاؤوا مُسرعين إلى المذود.
  • ومريم المجدلية جاءت مُسرِعة إلى القبر.
  • كما أسرع أيضًا إلى القبر بطرس ويوحنا.
    إنّ خدمة الملكوت لا تتحمَّل الانتظار. حينَ تَدعونا، علينا أن نُلَبّي الدّعوة فورًا.
    في طريقِك إلى بيت زكا، فَرَضْتَ بجرأة أن يرافقك من يزدرون زكّا، فتبعوك وَهُم يَحتجّون في ما بينهم. أما صديقنا زكا، فهو في غاية الاضطّراب ممّا يحدث له، بحيث أنّه لم يَعُدْ يفهم ما يَتَحَوَّلُ في داخله. فنظرة واحدة منك تستطيع أن تُبدِّلَ كل شيء. لم يَكتفِ بالاعترافِ عَلنًا بأنّه قد خَطِئ، بل يَفْرِضُ على نفسه العقوبة الموجبة في حالة السرقة، مُصرِّحًا بأنّه سيُعيدُ ما سرقَه . وسيتجاوز حتى ما تقتضيه الشريعة، لأنه سيردُّه أربعة أضعاف.
    علينا ألّا نَدَّخِر تضحية، توبةً، أفعال تواضع، لِنَبلغ الفَرَح الذي لا يوصَف، فَرَح نَيل المغفرة. وأنتَ تُعيدُ إلى زكّا كرامته، وتصالحه مع الله ومع الآخرين ومع نفسه، شَفَيتَه من عذابه وجعلتَ منهُ تلميذاً. أَمسى قُدوةً لِلّذين قد يَيأسون من العُدولِ يوماً، عن ضَلالِهم والعودة إليك.
    لِنُصَلِّ:
    يا رب، يا لَها من أمثولةٍ مُشجّعةٍ تُقَدِّمُها لنا ! هكذا، حين تدعونا النِّعمة لنتمثّل بالإبن الضّال، أو بِزكّا، الذي خضع لنزوات قلبه، علينا أن نُسرِعَ وَنَعتَرِف بخطايانا، وبكل بساطة، من دون أن نَسعى إلى إيجاد أسباب تخفيفيَّة . أنت أدرى مِنّا بأعماق قلوبنا . ونُفَوِّضُك بالدّفاع عنا. وعندها يُمكنُ أن نتناولك في القربان، ومعك وبك، يسهل بلوغ القداسة.
    ” في بُعادي عنكَ تيهٌ
    أو ضياعٌ أو سرابْ
    شُدَّني بِالقُربِ منكَ
    مَعْكَ يَحلو لي العَذاب”

المجمع المسكونيّ السادس في القسطنطينيّة 681

فصلٌ من سفر حزقيال
28-27.23-21.1:18
وَكَانَت إِلَيَّ كَلِمَةُ الرَّبِّ قائِلًا:
«الشِّرِّيرُ، إِذَا رَجَعَ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا، وَحَفِظَ جَمِيعَ فَرَائِضِي، وَأجرى الحَقّ وَالبِرَّ، فَإنّه يَحْيَا حَيَاةً ولاَ يَمُوتُ.
جَمِيعُ مَعَاصِيهِ الَّتِي صَنَعَها لاَ تُذْكَرُ لَهُ، وَبِبِرِّهِ الَّذِي صَنَعَهُ يَحْيَا.
ألّعَلّ هَواي في مَوْتِ الشِّرِّيرِ؟ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. أَليسَ في أَن يَتُوبَ عَنْ طُرُقِهِ فَيَحْيَا؟
وَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ شَرِّهِ الَّذِي صَنَعَهُ وأجْرَى الحَقَّ وَالبِرّ، فَإنّهُ يُحْيِي نَفْسَهُ.
إنّه قَد رَأَى وتَابَ عَنْ جَمِيعِ مَعَاصِيهِ الَّتِي صَنَعَهَا، لِذلك يَحْيَا حَيَاةً ولاَ يَمُوتُ».

فصلٌ من رسالة القدّيس بولس إلى أهل أفسس
22-17:2
يا إِخوَتِي،
لََمَّا جَاءَ المَسِيحُ بَشَّرَكُم بِالسَّلامِ أَنْتُمُ البَعِيدِين، وبَشَّرَ بالسَّلامِ القَرِيبين،
لأَنَّنَا بِهِ نِلْنَا نَحْنُ الاثْنَينِ في رُوحٍ وَاحِدٍ الوُصُولَ إِلى الآب.
إِذًا فَلَسْتُم بَعْدُ غُرَبَاءَ ولا نُزَلاء، بَلْ أَنْتُم أَهْلُ مَدِينَةِ القِدِّيسِينَ وأَهْلُ بَيْتِ الله،
بُنِيتُمْ على أَسَاسِ الرُّسُلِ والأَنْبِيَاء، والمَسِيحُ يَسُوعُ نَفْسُهُ هُوَ حَجَرُ الزَّاوِيَة.
فيهِ يَتَمَاسَكُ البِنَاءُ كُلُّه، فَيَرْتَفِعُ هَيْكَلاً مُقَدَّسًا في الرَّبّ،
وفيهِ أَنْتُم أَيْضًا تُبْنَونَ معًا مَسْكِنًا للهِ في الرُّوح.
والتسبيح لله دائماً