صباح الخير وأحد مبارك بشفاعة مار شربل .. الإنجيل بحسب القديس متى

..وتأمّلات روحيّة من كتاب الإنجيل في صلاة للأب منصور لبكي


متى ٢٢/١٢-٣٧
يسوع وبعلُ زبول

وَأَتَوهُ بِرَجُلٍ مَمْسُوس أعمى أَخرَس، فَشَفَاهُ، حَتَّى إِنَّ الأخرسَ تَكلَّمَ وأَبصَر.
فَدَهِشَ الجُموع كُلّهم وقالوا :
“أَتُرى هذا ابنُ داود؟”
وسَمِعَ الفَرِّيسِيُّونَ كلامَهم فقالوا:
“إِنَّ هذا لا يَطرُدُ الشَّياطينَ إِلا بِبَعلَ زَبول سَيِّدِ الشَّياطين.”
فَعَلِمَ يسوع أفكارَهم فقالَ لَهُم:
“كُلُّ مَمْلَكَةٍ تَنقَسِمُ على نَفْسِها تَخْرَب، وكُلُّ مَدينةٍ أَو بَيتٍ يَنقَسِمُ على نَفْسِهِ لا يَثبُت. فإن كانَ الشَّيطانُ يَطْرُدُ الشَّيطان، فقد انقَسَمَ على نَفْسِه، فكيف تَثبُتُ مَملَكَتُه؟ وإن كُنتُ أَنا بِبَعلَ زَبولَ أَطْرُدُ الشَّياطين، فَبِمَن يطرُدُهُم أَبناؤُكُم؟ لِذَلك هُم الَّذينَ سَيَحكُمون عَلَيكُم. وأَمَّا إذا كُنتُ أَنا بِروح اللهِ أَطْرُدُ الشَّياطين، فقد وافاكُم مَلكوتُ الله. أم كيفَ يَستطيعُ أَحدٌ أَن يَدخُلَ بَيت الرَّجُلِ القَوِيّ ويَنهَبَ أمتِعَتَه، إذا لَم يُوثِق ذلكَ الرَّجُلَ القَويّ أَوَّلاً؟ وعِندَئِذٍ يَنهَبُ بَيتَه. مَن لَم يَكُنْ معي كانَ عليَّ، ومَن لم يَجمَع معي كان مُبَدِّداً. لذلك أَقولُ لَكُمْ: كُلُّ خَطِيئةٍ وتجديفٍ يُغفَرُ لِلنَّاسِ، وَأَمَّا التَّجْدِيفُ على الرُّوح، فلن يُغفَر. ومن قال كَلِمَةً على ابن الإنسانِ يُعْفَرُ له، أَمَّا مَن قَالَ على الرُّوح القُدُس ، فَلَن يُغفَرَ لَه لا في هذهِ الدُّنيا ولا في الآخرة.

رَبِّي، أما يُثيرُ الضَّحِكَ والبُكاءَ معاً، ما وَرَدَ في هذا النَّص! أن تَطرُدَ الشّياطين بالشَّياطين؟ يا لهُ من مَنطِق! أيُمكِنُ إخمادُ النَّارِ بالنَّارِ! والتَّغَلُّب على الحِقد بالحِقد! وتَبديد الحرارة بالحرارة! وزوال الأذى بالأذى! القديس يُمسي شيطاناً!
لِمَزيدٍ من القداسةِ يُدمَّرُ الحبُّ من أجلِ حُبٍّ أعظم؟
مع أنَّ اعداءَكَ يُحَلِّلونَ بغباوةٍ، تُتابِعُ توضيحَ الأمور، وقولَ ما يلزَمُ قولُه واصفًا إيَّاهُم “بأولادِ الأفاعي” . تَحُثُّنا على حُسنِ المعاملة والتَّكَلُّم. أنتَ هو الكَلمة، كلمة اللَّه الأزَليَّة. كلُّ كَلِمة تَلَفَّظَت بها شَفتاك المُقدَّستان، هي كتابٌ بِحَدِّ ذاتِه، وَتَرسُم لنا في سفر ملاخيا، لوحةً تُلخِّصُ ما يَجِبُ أن تَتَحَلَّى به أقوالُنا: “لأنَّ شَفَتَيّ الكاهن تَحفَظان المعرفة، ومن فَمِه يَطلُبونَ التَّعليم إذ هُوَ رَسولُ رَبِّ القوّات”.
يَتَحَتَّمُ عليَّ أنا كاهِنَك، ألَّا أتَصَرَّف مثل هؤلاء الفَرِّيسِيِّين “أولاد الأفاعي”، الَّذين ينفثونَ السُمَّ في كلامهم، عليَّ أن أَحُثَّ القريب على السَّيرِ في طريق البِرّ والاستقامة، عَليَّ أن أحَدِّثَ بِحَقِّكَ، لقد أولَيتَني بِفَضلِ سِرِّ الكهنوت، واجِب التَّبشير والكلام عليك. إنَّها مَوهِبَةٌ يَجِب ألَّا أستَبيحَها، عليَّ أن أشهَدَ لِكلامك، أقَلُّهُ بِطَريقة حياتي. وكي أُحسِنَ الشَّهادة لك سَألتَقي مع رفاقِ دَربٍ، وَقَفوا حياتَهُم على نشرِ كلامِك، وَعرفوا أفضَل مِنّي كيفَ يُبَشِّرونَ بك.
إن تَعَذَّرَ عليَّ تَقديم الصَّدقة، فبإمكاني تقديمُ هِبَةٍ أفضل: هِبَة الكلمة الصالحة، الكلمة التي تُشَجِّع، تُنعِش، تَشفي، تُطَمئِن، تَهدي إلى الطَّريق، تمنحُ مُحاوِري القُدرة على استئناف السَّير من جَديد. لقد تَمادَيتَ في الشَّرح لِمُتَّهِميك أنَّ تفكيرَهم خاطئ، غَبِيّ ولا أساسَ له. لقد تألّمتَ من عَماهُم المُتَعَمَّد: هُم المَدعُوّون نَظَرًا لِمَرتَبَتِهم، إلى أن يقودوا النّاس إلى طريق الخير.
لِنُصَلِّ:
يا رَبّ ، ليتَ ما أراهُ جَلِيًّا من شَرٍّ وأخطاء عند هؤلاء الفَرِّيسِيِّين لا يُمَثِّلُ الشَّرَّ والخطأ الكامِن فِيَّ، إشفِني مِمَّا يُعميني ساعِدني لِأَتَجَنَّب الكلام التَّافِه والفارغ، الَّذي يهدف إلى أن أَبرُز في المجتمع، من دونِ أيِّ بُعدٍ روحِيّ.
أما قُلتَ سَيُحاسَب، يَومَ الدَّينونة، الصَّالِحون عن كُلّ كَلِمَة سوء؟
ساعِدني لِأَهدِي الآخَرين بِأقوالي وإن أَخفَقتُ لإهمالي في تحقيقِ مقاصِدي، سَأرتَمي على قَدمَيك لأستَغفِرَك وأعِدَك، بألَّا أتَفَوَّه بَعدُ، بأيَّةِ كَلمة لا تبني نُفوس المُقَرَّبينَ إليَّ.
تأمّلات روحيّة من كتاب الإنجيل في صلاة للأب منصور لبكي.