!فصول ابن خالتي حليمة مع مرض “الفوبيا” العجيب، فُشل في تفسيرها منجّم ولم يحلّ لغزها طبيب؟! الفصل الأول: فوبيا العتمة التي لم يكن يتحملها على الإطلاق.. فإذا كان نائماً في “سابع أو تامن أو عاشر نومة”، فنراه يستيقظ فور انقطاع الكهرباء، ويهبّ من فراشه هبّة شمشون، صارخاً بأعلى صوته كالمجنون.. ولا يهدأ روعه حتى يُشعل أحد شمعة أو تشعّ كهرباء المولّد! الفصل الثاني: فوبيا المصعد، فهو طوال حياته لم يصعد فيه، حتى ولو اضطر لأن يعتلي برجاً من 20 طابقاً؟! إلا انه أثناء زيارته القاهرة أقنعوه بأن الكهرباء لا تنقطع هناك أبداً، فرضخ وصعد.. لكن لسوء حظه، تعطل المصعد ولم يعد يتوقف؟! فأصيب بالهلع الشديد، وأخذ يصرخ ويستغيث، طالباً من الناطور أن يفتح الباب كي لا يختنق. وبعد محاولات عدة نجح الناطور في فتحه، فخرج إبن خالتي دافعاً الباب بعنف في وجهه فأوقعه أرضاً، ولولا العناية الإلهية لكان اليوم في ذمّة الله..الفصل الثالث: فوبيا الكلاب، وهنا حدّث عنه ولا حرج، فما إن يلمحها حتى يتصبّب عرقاً، وإذ تقترب منه يفر هارباً.. فيعتلي أقرب شجرة، أو يصعد إلى إحدى البنايات، أو يقفز في برميل نفايات، أو يلجأ إلى أحد المحلات ويبقى فيه حتى الإطمئنان إلى أن كل الطرقات سالكة وآمنة!الفصل الرابع أو المصيبة الكبرى التي ألمَّت به، فهي “فوبيا” المرض. حدث ذلك حين قرر طبيبه أن يجري له صورة الرنين المغناطيسي (IRM)، فرنّ رأسه عند سماعه بهذه الوصفة اللئيمة أكثر من رنّة.. ولعن الطبّ والأطباء ألف لعنة.. وحين قرر أخيراً أن يقدم على المغامرة الرهيبة، جلب معه حبوب Lexotanil وXanax تحسباً لإضطرابات الخوف والهلع ونوبات الرهاب والفزع.. دخل إبن خالتي العزيز إلى الدهليز يتضرّع إلى الله كي لا يصادف فيه إبليس.. وبعد أكثر من 10 محاولات فاشلة، صرخ صرخة مدوّية بعدما أصيب بضيق في التنفس، وشعر ببلاطة تجثم على صدره.. فطلب من طبيب الأشعة أن يسمح لزوجته بالدخول والوقوف إلى جانبه لكي يشعر بالأمان.. وحين دخلت أمسك يدها بحنان لم تعهده سابقاً – وطبعاً – لن تصادفه لاحقاً.. ولهذا تمنّت في سرّها أن تطول فترة العلاج لتكسب مزيداً من الحنان الذي بدأ يشحّ بعد 23 سنة من الزواج..أما الفصل الأخير، وربما ليس الآخر، فهو فصل غرفة البخار (السونا) في أحد النوادي. لم يجلس فيها أكثر من نصف ساعة قضاها قرب الباب يفتحه ويغلقه حين يشعر بضيق، مما أثار حنق الموجودين بسبب عدم الاحتفاظ بالحرارة المطلوبة، فطلبوا منه مغادرتها.. لكن لسوء حظه كانت الرطوبة المتزايدة قد فعلت فعلها بالباب فأوصدته؟! وهنا بدأت حفلة السوبرانو على المدى الطويل، والتي تضمّنت الصراخ والعويل.. وبعدما زاد توتره قرر الاستعانة باثنين من الغرفة التي بدأت تغلي على وقع أغنية “نار يا حبيبي نار”.. فحملاه من كتفيه، وأخذ هو يلبط الباب بقدميه، حتى سمع الضجة أحد المسؤولين في النادي، فهرع لفتح الباب.. عندها خرج ابن خالتي زاحفاً على ركبتيه، خائر القوى كالرعديد، بعدما دخل منتصباً كالصنديد؟!وكل فصل “فوبيا” وأنتم وإبن خالتي بألف خير!
جميل نعمة
صحافي