!نجوى ابي حيدر- المركزية
بعد ثلاثة اشهر، يكمل الشغور في سدة الرئاسة الاولى عامه الثاني، في سيناريو شبيه الى حد بعيد بذاك الذي ساد قبل انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية عام 2016 بفعل تفاهم معراب والتسوية الرئاسية التي أبرمت مع الرئيس سعد الحريري آنذاك. لكنّ ظروف انتخاب عون لا تشبه مثيلتها اليوم، إن لجهة الواقع السياسي الذي حكم المرحلة تلك، او الواقع الامني المحيط بالبلاد منذ 8 تشرين الاول، اثر فتح جبهة المساندة والاشغال جنوباً ، وقد ربط حزب الله الاستحقاق الرئاسي بوقف الحرب في غزة وقرار حماس في مفاوضات الدوحة، باعتبار ان اولوية المرحلة اليوم أمنية بامتياز والكلمة للميدان.بغض النظر عن الواقع الأمني وحتمية عدم تجاوزه او تجاهله، علماً ان الحزب لم يستشر الدولة اللبنانية ولا استأنس برأيها حينما قرر اسناد حماس واشغال تل أبيب، فإن ما يمنع انجاز الانتخابات الرئاسية ليس حرب غزة ولا جبهة الجنوب، انما رهان حزب الله وحليفه الرئيس نبيه بري الذي لا ينفك يطالب بالغاء الطائفية السياسية على قطف ثمار الانتصار وتقريشه في السياسة بمكتسبات في الدولة العميقة يمكن عبرها تثبيت قدميه في السلطة، حينما تُبرم التسويات الاقليمية ويُقفل زمن السلاح وقوته الفائضة. والا وخلاف ذلك، كيف يمكن فهم مغادرة نواب الثنائي ومن لف لفيفهم القاعة فور انتهاء الدورة الاولى من اثنتي عشرة جلسة انتخاب رئاسية عقدت قبل “الطوفان” ،آخرها في 14 حزيران 2023، لتطيير النصاب ومنع عقد دورات متتالية وصولا لانتخاب رئيس، بحسب النص الدستوري؟وفي السياق، تُذكِّر مصادر في المعارضة بأن نواب محور المقاومة صوتوا في احدى عشرة جلسة بالورقة البيضاء، في حين صوت نواب المعارضة بأطيافها كافة للمرشح ميشال معوض . وفي الجلسة رقم 12 صوت نواب المحور للمرة الاولى لمرشح الثنائي رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه فنال 51 صوتا مقابل 59 لجهاد ازعو مرشح تقاطع المعارضة مع التيار، بعدما تنازلت عن ترشيح معوض علّ الممانعة تلاقيها في منتصف الطريق .لكن وكالعاد،ة عطل نواب محورالممانعة النصاب فغادروا بعد انتهاء الدورة الاولى لمنع اجراء الدورة الثانية.اداء يؤكد ويُثبت من دون أدنى شك ،وفق مصادر المعارضة ان الثنائي لا يريد انتخاب رئيس الان والا لكانت جرت دورة ثانية وثالثة ورابعة في الجلسة رقم 12 حتى انتخاب رئيس، كانت حظوظه متوفرة تتراوح بين فرنجيه وازعور.بالمختصر المفيد، لا يريد محور الممانعة انتخاب رئيس، لذا يُعطل الانتخابات عن سابق تصوّر وتصميم . واستتباعا ، لا رئيس قبل وقف النار في غزة. معادلة واضحة لا مجال للشك فيها، خلافا لكلام مسؤولين وقيادات ونواب الثنائي الشيعي ونفيهم ارتباط ملف الرئاسة بوقف اطلاق النار في غزة. فلو كانت المعادلة غير صحيحة ،وفق ما يدّعى الثنائي، ولو كان اتهامه بتعطيل جلسات الانتخاب فيها تجن على الثنائي لاسيما على حزب الله، لماذا لم تبادر قيادته الى دحض الاتهامات والطلب من نوابها البقاء في الجلسة لاكثر من دورة الى حين انتخاب رئيس، كما اثبت اداء نواب المعارضة؟ وما دام النصاب تأمن في الجلسات، لماذا لم يُصِرّ الرئيس نبيه بري على المحافظة على النصاب ويدعو الى دورات متتالية لانتخاب الرئيس بدل الايعاز لنواب كتلته بتهريب النصاب؟اداء يؤكد ان الثنائي يضرب النظام الديموقراطي ويمنع انتخاب رئيس، الا مرشحه سليمان فرنجيه، وبعد ان يحصل الحزب على الضمانات المطلوبة والمكاسب السياسية ورئاسة المواقع الادارية في الدولة العميقة . اما حوار بري وفذلكاته، واصراره على ان يكون جامعاً وليس بمن حضر ومن دون شروط لتأمين نصاب الثلثين لجلسة الانتخاب والاجماع على شخصية الرئيس، فكلام بكلام وذريعة لإطالة امد الشغور الى حين انقشاع الضبابية عن مصير مفاوضات غزة، ما دام يدرك ان المعارضة لن ترضى بحوار يرأسهوبأعراف يُكرسها ، وقد قدمت صيغتين حواريتين رفضهما واعتبرهما كيدا ونكدا سياسياً. فإما مبادرته التي اطلقها قبل اكثر من سنة ونصف في مهرجات ذكرى تغييب الامام موسى وإما لا مبادرات ولا حلول، وليبقّ لبنان من دون رئيس والدولة من دون رأس الى ان يقضي الله امرا كان مفعولاً…