التجنّي والظلم حرام.. ولهذا جاء بهاء الحريري الى لبنان

كتبت يومًا عن رجل دين، مقالًا قلت فيه ليس دفاعًا عنه عن فلان أكتب، بل لأن هناك أناسًا مرتكبين مجرمين ولم يردعهم أحد ولم يُقلهم أحد من مراكزهم ومناصبهم وهم يقتلون ويرتكبون ويسرقون ويتحرشون من دون حسيب ولا رقيب.
وطأت بذلك لأقول أن التجني على الناس حرام وظلم الناس هو بالنسبة لي من المحرمات لا بل من الخطايا المميتة وليست من الأخطاء.
أنا لا أعرف بهاء الدين الحريري، وقد لا يتسنى لي معرفته، ولكن أحببت كتابة هذا المقال لأقول حرام التجني عليه، وإطلاق النار على زيارته القصيرة أو الطويلة، والتي يريد منها إعادة إحياء الحالة الحريرية، ولن أقول تيار الحريري. وهذه الزيارة ليست خطأ ولا خطيئة كما يحلو للبعض أن يعتبرها، وليست بالتالي خيانة كما يحلو للبعض الآخر، أن يعتبرها.
ليست خطأ ولا خطئية. أولًا الشيخ بهاء الحريري لم يأتِ إلى الساحة السياسية في ظلّ وجود الرئيس سعد الحريري، الذي أتخذ خيار الإبتعاد عن العمل السياسي اللبناني، كي لا نقول إعتزال العمل السياسي، لأسباب داخلية وخارجية، ولن أدخل في تفاصيل هذا القرار.
الشيخ بهاء أراد بعد سنوات الفراغ على الساحة السنية بعد إبتعاد “الأخ والحبيب”، والتي لم يستطع أحد من زعماء الطائقة السنية ملأه، خصوصًا، أن الحالة الحريرية ليست مناطقية، بل هي منتشرة في كل لبنان. ومن حق الشيخ بهاء العمل كي لا تنطفىء هذه الشعلة التي زرعت الفرح في قلوب الكثير من الطلاب والعائلات من خير الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ومن دون منة ولكل اللبنانيين من كل الطوائف، وأنا أعرف أطباء مسيحيين منحتهم مؤسسة الحريري أقساطهم الجامعية، لأن يتعلموا في أرقى الجامعات.
الحالة الحريرية ليست تيارًا، بل هي حالة منتشرة في كل لبنان ويجب ألا تذوب، ولأن “البعد جفا” أراد الإبن البكر للرئيس الشهيد حماية هذه الحالة على الصعيد الحزبي، وعلى الصعيد السني وليكون للساحة السنية زعامتها وحجمها، وهو انتظر بعد قرار “الأخ والحبيب” الإبتعاد، أن يملأ هذا الفراغ زعماء سنة، يبدو أن زعامتهم تقتصر على المنطقة التي يعيشون فيها أو على نصفها.
بهاء الحريري لبناني ويحق له إذا أراد العودة الى لبنان وطنه الأم ليخدمه ويخدم اللبنانيين من خلال العمل لعودة الإزدهار هو حق مشروع لكل لبناني لديه القدرات والإمكانات. فقرر أن يلتقي مع شرائح المجتمع اللبناني للتحاور وليستمع الى هواجس اللبنانيين الذين ما زالوا في لبنان ويراهنون أن بلدهم سيقوم من محنه الكثيرة أجلًا أم عاجلًا.
ويقول الشيخ بهاء في لقاءاته أن لديه الأمكانات ليضعها في خدمة بلده ولم يأت ليأخذ منه. وهو مؤمن أن مسيرة رفيق الحريري في خدمة لبنان يجب أن تستمر، لأن اللبنانيين اليوم بحاجة لمن يعطي من خبراته وإمكاناته وعلاقاته العربية والدولية التي نسجها الحريري الأب خلال عقود من الزمن.


والحريري البكر جاء الى لبنان ليس ليتكلم وليلقي الخطابات ، بل جاء مستمعًا لشعب مقهور .

بهاء الحريري عاد الى لبنان ليخدم وليس ليُخدم وليعطي وليس ليأخذ وماذا ترك له الفاسدون في لبنان ليأخذه؟ فلماذا يقوم البعض للتشويش على هذه العودة التي يثّمنها الكثيرون على الصعيدين الوطني والسني، فهاذا تجنٍ بكل ما للكلمة من معنى والتجني على الناس حرام. والشيخ بهاء عاد إلى لبنان ليملأ الفراغ الذي تركه الرئيس سعد الحريري، وكي لا يضيع حلم الرفيق، وهو لم يأتِ في ظل وجود الشيخ سعد في قلب العمل السياسي. وهو يأتي في ظل أناس يتركون لبنان لما في هذا البلد من مخاطر خصوصًا في ظل الحرب القائمة على غزة وعلى لبنان من قبل عدو لا يرحم لا البشر ولا الحجر، عدو ليس هدفه احتلال فلسطين فقط، بل أن يبقى لبنان ساحة حرب وعدم استقرار على كل الصعد. نعم على كل المشوشين على هذه الزيارة شكر بهاء الحريري الذي جاء الى لبنان على الرغم من كل التحديات والتهديدات، ليكون الى جانب أهله وناسه، بدلًا من أن يكون سائحًا في موناكو ونيس والكوت دا زور,
“مش غلط” أن يبادر الشيخ بهاء لمتابعة سيرة ومسيرة “ناس معها وناس ضدها”، لكن “الغلط” أن نرمي القنابل الصوتية عليه.
شيخ بهاء أنا لا أعرفك ولا أعرف عنك الكثير وأنا لست سنيًا، لكن إرتأيت كتابة هذا المقال ليس دفاعًا عن حق فقط بل كرهًا بتجنٍ وظلم.

جورج سعد