صباح الخير وأحد مبارك إنجيل اليوم بحسب القديس لوقا


لو ١٤/٤-٢١
وَعادَ يسوعُ إِلى الجَلِيلِ بِقُوَّةِ الرُّوحِ، فَانتَشَرَ خَبَرُه فِي النَّاحِيَةِ كُلِّها. وكانَ يُعَلِّمُ فِي مَجامِعِهم فيُمَجِّدونَه جَميعاً . وأَتَى النَّاصِرَةَ حَيْثُ نَشَأَ، ودخَلَ المَجْمَعَ يَومَ السَّبْتِ على عادته، وقامَ لِيَقرأ. فدُفعَ إِلَيهِ سِفْرُ النَّبِيِّ أَشَعْيَا، فَفَتَحَ السِّفْرَ فوجد المَكانَ المكتوب فيه :
“رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ لِأَنَّهُ مَسَحَني لِأُبَشِّرَ الفُقَراء وأَرسَلَني لأُعْلِنَ لِلمَأْسورينَ تَخْلِيَةَ سَبِيلِهِم وللعميانِ عَودَةَ البَصَرِ إِلَيهِم وأفَرِّجَ عن المظلومين وأعلِنَ سنةَ رِضاً عندَ الرَّبِّ.”
ثُمَّ طَوَى السِّفرَ فَأَعادَه إِلَى الخادِمِ وجَلَسَ. وكانت عُيونُ أَهلِ المَجْمَعِ كُلِّهِم شاخِصَةً إِلَيْهِ. فَأَخَذَ يَقُولُ لَهم: “اليوم تَمَّت هذه الآيةُ بِمَسمَع مِنكُم.”

يارب لستُ شاهد عيان على أحداث حياتك، كما الإنجيلي لوقا. لكنّي مثله أعتَمِدُ على ما سَمِعتُه وَقَرأتُهُ. أثِقُ بما نَقَلَه “خدّام كلمتك ” ، عمَّا فعلتَ وما قلتَ. وزيادة على ما نقله الإنجيليون، وآباء الكنيسة وَمُفَسِّرو الكتاب المقدّس أضيف خبرتي الخاصّة لتأثير كلمتك في حياتي، كلمة محبّة وحقٍّ تُنوِّرُ بِقُدرَتِها كلّ شيء وتُجَمِّلُ كلّ شيء، إذا سَمَحتُ لها بأن تَعمَل كُلِّياً فيَّ .
الكلمة ! أنت لا تَعرِفُها، لا تَقرأُها ولا تُبَشِّر بها وَحَسب، بل أنتَ الكلمة بالذّات، إلى حدِّ أنَّك كلمة الآب الوحيدة. أنت كلمة الآب الَّتي صارَت بشرًا من أجل خلاص الجميع، كما ذَكَّر بذلك البابا يوحنا بولس الثاني في رسالته البابوية Redemptoris mission رسالة الفادي.
إسمَح لي يا ربّ، بأن أَذكُرَ، في هذا السِّياق مثلاً شخصياً . في لبنان، دُعيتُ إلى المُشاركة في برنامج تلفزيوني، وَكُنتُ أُجيبُ عن أسئلة المشاهدين مُباشَرةً على الهواء.
خلال البرنامج تَدَخَّلَ شاب مُسلِم وَطَرَح السّؤال عن “الكلمة المتجسدة”، فقال:

  • أبونا، كيفَ تُقنِعُني بأنَّ الله الكُلّي القُدرة، يُمكنه أن يولَدَ من امرأة؟ إنَّه لأمرٌ غيرُ لائق، فَنَحنُ نَرفُضُ فِكرة التَّجَسُّد، احتِراماً لِقُدرَتِهِ. إنَّه الإله العَليّ، لا يُمكِن أن يَتنازَلَ إلى هذا الحَدّ.
    بالطّبع، لا يُمكِن بِدقائق مَعدودة، أن أختَصِر له عقيدة الإيمان، ولكن بِوَحيِ روحِكَ، أَجَبتُهُ:
  • يا علي ، ألا يُمَثِّل القرآن، كلمة الله بالنسبة إليك؟
  • نعم أبونا .
  • إنَّه النَّسخة الحِسِّيَّة عن النَّسخة الأصليّة المحفوظة في حضرة الله .
  • تماماً.
  • كيفَ يُمكِنُكَ أن تُبَرهِنَ لي عن ذلك؟.
  • الله هو الكُليّ القُدرة.
  • آه! إنَّه الكُليّ القُدرة، يَنزِلُ مُباشرةً من السّماء ضمن کتاب، ولا يَملِك القُدرة على أن يَتجَسَّد في شكل طفلٍ مثلي ومثلك؟! إذاً إن كان كُلِّي القُدرة، فهو كذلك في كِلتا الحالتين، فلا نَضَعنَّ حدودًا لفائق قدرته.
    من البَديهي أنَّ هذه الإجابة لا تَستَوفي أبعاد المسألة، ولكنَّها تُوَجِّهُ خُطانا في البَحثِ عن الحقيقة.
    يا رب، ها أنتَ في المَجمَع في ضَيعَتِكَ، تَسمَعُ قراءة التّوراة وَتُصَلِّي على عادَتِكَ. أنتَ تَحظى باهتمامٍ كَبير، لأنّه إذا كان أقرباؤك قد أدرَكوا عَظيمَ وَرَعِك وَذكائِكَ، فإنَّ معجزة الخَمر في قانا، وَمُرورِكَ في الجَليل، أضفَيا عليكَ صيتَ صانِع المُعجِزات. توجَّهَت نحوك كُلُّ الأنظار، بعد أن قرأتَ هذا المَقطَع من سِفرِ أشعيا وَجَلست. مع العِلم بأنّك لم تُفَسِّر ولم تَشرَح، بل أعلنتَ تحقيق ما كُتب :
    ” اليومَ تَمَّتْ هذه الآية، على مَسمَعٍ مِنكُم”
    يا رب ! كَم مِن مَرّة أقرأُ كلامَك ساهِياً، إن كنتُ على انفرادٍ أو أمامَ الحُضور، حتّى وإن أغنيتُ قراءتي بالإخراج، وَتَلاعُبِ الأضواء، والموسيقى الهادئة. إنِّي أفتَقِدُ إلى قلبٍ يخفقُ على إيقاعِ قَلبِك. يَتَحلَّى قِدِّيسوك “بهذا القلب” لذا يَهتَدي الآخرون بإشعاعِهِم. فخوري آرس كان يُرجِع الخطأة إلى التَّوبة عندما يَعِظ .
    لِنُصَلِّ:
    يا رب، ألتَمِسُ منكَ نعمةَ أن تَنبُضَ كَلِمَتُكَ فيَّ، أن أتماثلَ بك! أن أُصبِحَ في حالةِ ذوبانٍ مُتبادَل معك، حتّى إذا نَطَقتُ بكَ لا أَنطُقُ “كَخَبيرٍ” بِتعاليمِك، إنَّما كَتِلميذٍ وشاهِد.
    “إلهي، هَب لِعُيوني اندِهاشاً!
    هَبْ لِرجائي انتِعاشاً!
    هَبني أن أعيشَ ما تَقول !”
    من كتاب “الإنجيل في صلاة” للأب منصور لبكي.