جوانا فرحات
يبدو أن الخلافات الحاصلة بين وزارة الدفاع والمؤسسة العسكرية وصلت إلى طريق مسدود وكل المحاولات التي صيغت إن لجهة الجلسات التي عقدتها لجنة الدفاع النيابية برئاسة النائب جهاد الصمد مع كل من وزير الدفاع موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزف عون لم تصل إلى أية نتيجة لا بل ازدادت الأمور حدة مع تمسك كل طرف بموقفه. وفي وقت كان مقررا أن يحضر وزير الدفاع جلسة مجلس الوزراء اليوم والتي وُضع بند الكلية الحربية على جدول أعمالها، حضر الى السراي واجتمع مع الرئيس ميقاتي طارحا حلا للقضية ثم غادر.
بذور الأزمة تتجلّى في عدم مصادقة وزير الدفاع على نتائج اختبارات الدخول إلى الكلية الحربية، مما دفع بعض الناجحين إلى تقديم دعاوى قانونية أمام مجلس شورى الدولة للالتحاق بالكلية. وهنا يتهم وزير الدفاع قيادة الجيش بتسريب أسماء الفائزين وحثهم على التقدم بشكوى أمام مجلس شورى الدولة. الأمر الذي تنفيه قيادة الجيش بشكل قاطع.
وتأتي هذه الأزمة لتزيد من تراكم الخلافات بين المؤسسة العسكرية ووزارة الدفاع والتي بدأت بقضية التمديد لقائد الجيش جوزف عون مرورا بتعيين رئيس للأركان، والتي لا تزال تراوح مكانها في غياب مصادقة وزير الدفاع على التعيين على رغم صدور مرسوم من الحكومة، وصولاً إلى أزمة الكلية الحربية التي يرفض سليم حتى الآن التوقيع على قائمة الناجحين في اختبارات الدخول إلى الكلية بحجة أن الاختبارات لم تراع المعايير المطلوبة في حين تنفي قيادة الجيش الأمر جملة وتفصيلا.
“وقف التطويع في الجيش بصفة “تلميذ ضابط” منذ أربعة أعوام نتيجة توقف الكلية الحربية عن إدخال متطوعين بات يشكل عبئا على المؤسسة العسكرية بسبب النقص في عديد الضباط وإدخال دم جديد إليها وانعكاس ذلك على الهرمية في الجيش والمهام العملانية في المؤسسة العسكرية” يقول العميد المتقاعد جورج نادر ل،”المركزية” ويوضح “هناك ثلاثة مصادر للتطوع في الكلية الحربية: المتطوعون المدنيون أو العسكريون من حملة الشهادات الثانوية، والرتباء من رتبة معاون ومعاون أول ومؤهل ومؤهل أول والمصدر الثالث من إختصاصيين في مجالات الطب والهندسة والإدارة. لكن المصدر الأهم هو الكلية الحربية بسبب النقص الذي ينتج في المؤسسة العسكرية لأسباب عديدة منها الإستقالات والتسريح والإستشهاد. من هنا ضرورة فتح باب التطويع سنويا في الكلية إلا أنه توقف بعدما اتخذ مجلس الوزراء قرارا في موازنة 2018 بعدم التوظيف مدة 5 أعوام في الإدارة العامة”.
ويستعيد نادر سيناريو وقف التطويع في المؤسسة العسكرية الذي حصل ما بين العامين 1986 و1994،ويقول “بين العامين 1978 و1980 كان هناك انتظام في دورات التطويع وفي العام 1986 توقفت الدورات حتى العام 1994 وشهدت الكلية الحربية فراغا في التطويع من العام 1996 حتى العام 2001 لتعود وتنتظم من عام 2001 حتى 2019”.وإذ يرفض الدخول في زواريب الإشكالية الحاصلة بين وزارة الدفاع والمؤسسة العسكرية كونها تعود “لاسباب سياسية ، إلا أن النتائج تنعكس حتما على مؤسسة الجيش وأداء العناصر والضباط فيها. والحل يكون بفضّ الخلاف السياسي وإبعاد مؤسسة الجيش عن السياسة إذ لا يجوز في أي من الأحوال هدم الجيش”.
ويختم نادر متوجها إلى وزير الدفاع ” فلنسلم جدلا بأن الإمتناع عن توقيع الوزير سليم يعود إلى كون الآلية لم تستوف الشروط القانونية المطلوبة فهل يستحق هذا الإخلال ما يمكن أن ينتج عن عدم تطويع تلامذة ضباط جدد؟ فعلا صدق نابوليون عندما قال بأن “أكبر إساءة للقانون هو تطبيقه بحذافيره” علينا أن نترك هامشا للأمور الإنسانية والوطنية أحيانا”.
وفيما يتمسك قائد الجيش جوزف عون بضرورة التحاق الطلاب الفائزين بالفحوصات الطبية والنفسية والرياضية بالكلية الحربية، تتهم أوساط وزير الدفاع قيادة الجيش بأن دورة تطويع الضباط التي أجرتها الكلية الحربية عقدت بصورة مخالفة لقوانين الدفاع ومن دون موافقة الوزير موريس سليم، وعليه يرفض التوقيع على النتائج النهائية لأن الإعلان عنها مخالف بتخطيهم إياه.
مصدر قضائي يوضح لـ”المركزية” أن الإحتكام في الخلاف الحاصل بين المؤسسة العسكرية ووزارة الدفاع يعود إلى مجلس شورى الدولة أو مجلس الوزراء. إنما ما يجب التنبه إليه أن وزارة الدفاع تتمتع بهيكلية خاصة والقرار فيها يعود لقائد الجيش وليس للوزير الذي يتولى الأمور الإدارية.
بناء على ذلك، يضيف المصدر بأن صلاحيات وزير الدفاع بالنسبة إلى مؤسسة الجيش هي أقل من صلاحيات أي وزير على وزارته. ويستغرب عدم إعلان النتائج لأن سليم قرر عدم التوقيع ويقول”لا يحق لأي وزير أن يفتح على حسابه، وتحديدا وزير الدفاع لأن الأمر يتعلق بالشأن الأمني والوطني ولا يجوز التصرف بهما إنطلاقا من حسابات ومصالح ضيقة، عدا عن أن مؤسسة الجيش هي المعقل الأخير الصامد والموحد في هذا الوطن، فهل يجوز تفكيك المؤسسة لتحقيق مآرب سياسية ضيقة؟”.
في حديث تلفزيوني أكد سليم “ان لا أسباب سياسية أو خلفيات لأي أداء يقوم به في وزارة الدفاع لكن ما حصل ان ثمة ملفات حصل فيها تباين مرتبطة أساساً بالمقاربة القانونية وكل تخط للقانون وللمعايير القانونية لا يمكن ان يقبل بها”.
كلام يتوقف عنده المصدر القضائي ليؤكد بأن الجيش متماسك لأنه يخضع لقيادة واحدة وهو يأخذ قراراته بعيدا من زواريب السياسة ويختم”كلمة قائد الجيش لا تُضرب ولا يجوز أن تُضرب”.
جوانا فرحات ـ المركزية