كنّا في طريقِنا إلى طرابلس، تلبيةً لدعوة من راهبات اللّعازاريّة في دير سيّدة النُّور، حيثُ سأُلقي محاضرة، وكان برفقتي الشابّان فؤاد متني ورهيد نصر.
ومع وصولِنا إلى نفق شكّا، قال لي رهيد:" أبونا، هل حضّرتَ ترتيلة عن الميلاد، إذا طلبَت منك الرّاهبات ذلك؟" فسألتُهُما: "هل لديكُما ورقة؟"، فأجاباني بالنّفي، ولم تكن معهما سوى علبة دخّان "بافرا"،( وكانت هذه العلبة مربّعة الشكل، وجِهتُها الخلفيَّة بيضاء لا كتابة عليها)، فأخذتُها منهما وكتبتُ عليها ترتيلة " ليلة الميلاد " في السيّارة.
وهذه التّرتيلة تجمعُ البُعدَين الإجتماعي والرّوحي؛ ترتيلة تقول للغنيّ: إذا أعطيتَ المال للفقير، وفي قلبِكَ حقدٌ وغشّ، فالأمرُ لا يستقيم!
أذكرُ إحدى المرّات، وقد كُنّا نحضِّرُ للميلاد مع أولادِ الرّعيّة، كان هناكَ ولَدٌ حزين، إقتربتُ منه، وسألتُهُ: " هل تريدُ هديّةً، أم تريدُ الماما والبابا ؟" فأجابَني": أُريدُ الماما والبابا." وقد كانا، للأسَف، مُنفصِلَين."
بعدَ اتِّصالٍ مدبَّرٍ بينَ الولدِ وأمِّه وأبيه، قلتُ لهما:" هذا الولد مريض، وقد وصفَ له الله دواءً أن تُقبِّلاهُ أنتُما معًا؛" وهكذا اجتمعَ شملُ العائلة من جديد؛ وكان ذلك العيد من أجمل أعياد الميلاد في حياتي.
هذا هو معنى " ليلة الميلاد."
منصور لبكي
ليلة الميلاد:
ليلَةَ الميلاد يُمَّحَى البُغضُ، ليلَةَ الميلاد تُزهِرُ الأرضُ ليلةَ الميلاد تُدفَنُ الحربُ، ليلَةَ الميلاد يَنبُتُ الحُبُّ
١- عندما نسقي عطشانَ كأسَ ماء، نكونُ في الميلاد
٢- عندما نَكسي عُريانَ ثوبَ حُب، نكونُ في الميلاد
٣- عندما نُكَفكِفُ الدّموع في العيون، نكون في الميلاد
٤- عندما نفرِشُ القلوبَ بالرّجاء، نكونُ في الميلاد
٥- عندما أُقبِّلُ رفيقي دونَ غشّ، أكونُ في الميلاد
٦- عندما تموتُ فيَّ روحُ الانتِقام، أكونُ في الميلاد
٧- عندما يُرمَّدُ في قلبيَ الجفا، أكونُ في الميلاد
٨- عندما تذوبُ نفسي في كيان الله، أكونُ في الميلاد



