جورج صباغ .
كما هو معروف للسياسة تعريفات عدة مختلفة عن بعضها البعض وإن كان مصدر التعريف الأساس متأتٍ من كلمة ( ساسَ ) اي قادَ .
والتعريف الأكثر شيوعاً ورواجاً في الاوساط السياسية والمفكرين والكتّاب ، هو ذاك القول ، “أن السياسة هي فن الممكن” .
أما الخلاصة الشاملة للتعريف فيمكن القول ؛
“ان السياسة هي عملية إدارة المجتمع واتخاذ القرارات التي تنظّم حياة الناس داخلياً وخارجياً وتوزيع السُلطة والموارد بينهم بطريقة تهدف لتحقيقِ الاستقرار والمصلحة العامة .
ما خبرناه في حياة لبنان السياسية كذلك ما تعيشه بعض الشعوب في دولها وانظمتها ، يمكن توصيف السياسة وتحديدها على الشكل التالي أدناه دون تناولنا في هذا المقال الأنظمة المصنّفة ، ديمقراطية برلمانية ، مَلكية ، دينية ، قومية ، توتاليتارية ، دكتاتورية … :
- ١ – السياسة المثالية . اي انتهاج سياسة مبدئية بعناوين برّاقة جاذبة وخطاب سياسي معتدل يتضمن قيم انسانية ومبادئ راقية وأهداف سامية ويمكن توصيفها “بالسياسة الطوباوية” ، وهذه السياسة ما دونها عقبات وعثرات جمّة وصعوبة في تحقيقها وبلوغ أهدافها المعلنة ، ( فتبقى معلقة في الهواء ) ، وهي أشبه بطروحات دعائية استعراضية ، غير قابلة للتنفبذ على أرض الواقع وإن يستسغيها الرأي العام وتُدغدغ افكار ورؤى العامة .
- ٢ – السياسة الإمتثالية .
وهو نهج إذعاني سواء من قبل الأفراد او التنظيمات او الأحزاب او الحكومات ، اي الإذعان لإرادة جهة أخرى سواء أكانت داخلية او خارجية وتأمين مصالحها والتصرف وفقا لرغبة الآخرين وتنفيذ إملاءاتهم والإمتثال لمشيئتهم لألف سبب وسبب ، ديني ، عقائدي ، طائفي ، مالي ، …. الخ .
- ٣- السياسة الواقعية .
وهي السياسة العقلانية وأكثرها حكمةً ، كون منتهجوها لا يقفزون فوق العقبات والعراقيل ولا يتجاهلون الإشكاليات المعيوشة بل يمارسون السياسة المرنة للمعالجات وفق المعطيات القائمة على أرض الواقع ( فلكل داءٍ دواء ) بعد تشخيصه بدقة .
ويمكن توصيفها وتسميتها ب ( الواقعية السياسية ).
وهذه السياسة العقلانية يمارسها راهنا ومنذ توليه سدة الرئاسة فخامة العماد جوزاف عون ، غير آبه للإنتقادات المُجحفة من هنا او الظالمة من هناك ، ويتصرف وفق ما يُمليه عليه ضميره الوطني ومصلحة لبنان العليا ، و هو لا يستجيب لإرادة او رغبة اي كان ، داخليا وخارجيا ( وإن كان للبلدان عادةً وطبيعياً تواصل دبلوماسي وعلاقات صداقة ومصالح مشتركة ) .
فمقاربة المسائل الحساسة لا تحتمل التهوّر كما المجازفات بمصير البلاد والعِباد .
نختم مقالنا هذا بالتذكير أن لبنان بلد الثمانية عشر طائفة ، وطن العيش الواحد وتفاعل الحضارات ومختبر الأديان ، وطن الرسالة ( كما وصفه قداسة البابا المغفور له مار يوحنا
بولس الثاني ) ووطن الديمقراطية التوافقية ، ومرتع الحريات ، آملين ان يحلّ السلام في بلد السلام بعد حلول بركات رجل السلام ( الحبر الأبيض ) البابا لاون الرابع عشر إثر حَجّه الينا على مدى ثلاثة أيام في ٣٠ تشرين الثاني ،
نَثر بخلالها فرحا عظيما وبركات بابوية على أرضنا وربوعنا اللبنانية و رجاءً في نفوس اللبنانيين كل اللبنانيين ،
على أمل أن نشهد فجراً جديداً وقيامة لبنانية متجددة ،
والسلام لوطن السلام .



