- زارت أمس “الخماسية الإعلامية الجبيلية” نقيب المحامين في بيروت الأستاذ عماد مارتينوس في مكتبه في قصر العدل، حيث قدّمت له التهنئة بانتخابه نقيبًا، مثمنةً حضوره الوطني ورسائله الجامعة التي عبّر عنها منذ اليوم الأول لتسلّمه مهامه، ولا سيما رسالته إلى قداسة البابا التي حملت معاني السلام والمحبة والعيش المشترك.
- في مستهل اللقاء، شكر النقيب مارتينوس “الخماسية” على مبادرتها، معتبرًا أنّ زيارة وفد جبيلي من مدينة الأبجديّة، تحمل رمزية خاصة إذ تتلاقى مع رسالة نقابة المحامين “أمّ الشرائع” في الدفاع عن حق الإنسان وكرامته. كما حيا “الخماسية” على نشاطها الإعلامي المثمر والهادف الذي يرتقي بالعمل الصحافي. وبسؤاله عمّا جاء في مقالته عن ” الزائر الإستثنائي ” البابا لاوون الرابع عشر بأنه يرجو من الزيارة أن “تجمعَ الشتات، وتُوحّدَالقلوب، وتُبعدَ الذنوب، وترجئَ الحروب” ، وهي عناوين كبرى لو تحققت لدخل لبنان مرحلة سلام واطمئنان وازدهار ،قال :
” أهلاً بكم من جبيل إلى بيروت أمّ الشرائع، ونحن نعتزّ بهذا الوفد الإعلامي. زيارة البابا كانت زيارة بالغة الأهمية، لأنه يزور بلداً للمرة الأولى بعد انتخابه بابا، وهذا يدل على مكانة لبنان لدى البابا والفاتيكان.
وأضاف :” سبق أن زار البابا يوحنا بولس الثاني لبنان، وكذلك البابا بنديكتوس، ونحن نسعى دائماً للاستفادة من هذا الدعم. قوّة لبنان كانت وما زالت في المحبّة. التاريخ يبيّن أن المسيحية انتشرت بالمحبة لا بالقوّة، ومنذ أكثر من ألفي عام ما زلنا نكافح بالمحبة.
وأشار :” الى ان لبنان بلد تعددي، ورسالة لبنان هي المحبة والعيش المشترك والانسجام الوطني، وقد نجحنا في نقل هذه الرسالة للعالم. وتجربة قضاء جبيل مثال على إمكان العيش المشترك الحقيقي.
وأكد :” سنستمر بالمطالبة ببلد يشبه ما نؤمن به: بلد تُبنى فيه العلاقات بالمحبة، لا بالصراعات والحروب، خصوصاً أن تجارب السلطة الطائفية لم توصل إلى نتيجة. نحن أبناء رجاء، والبلد اليوم قادر على الاستفادة من التجارب السابقة لبناء لبنان جديد، بنظام ومنظومة وعقلية جديدة، منفتحة على الحداثة والعالم”. - وبسؤاله: ” عندما يترشح محامٍ لمنصب نقيب المحامين تكون لديه دوافِع محددة. ما الذي دفعك شخصياً إلى الترشح؟ وما البند الأساسي الذي أثار اندفاعك؟ قال :
” ترشّحت لأنني صاحب مشروع ولأجل نهجٍ أعتبر أنه يجب اعتماده للدفاع عن النقابة.
أمّا الدوافع الأساسية فأربعة:
- غياب الثقة بالهيئة العامة للنقابة، بعدما صوّت المحامون مراراً بعدم الثقة.
- ملف صحة المحامي والصندوق التعاوني الذي يعاني من مشكلات منذ 2015، وكنت مقتنعاً بضرورة اعتماد الشفافية وبناء نظام صحي يحفظ كرامة المحامي.
- علاقة المحاماة بالقضاء، لأن ممارسة المهنة أصبحت صعبة، وكان هدفي تحسين عمل المحامي اليومي وكرامته.
- اعتماد نهج وطني داخل النقابة، لأنني مؤمن بأن نقابة المحامين يجب أن يكون لها دور وطني ودستوري وتشريعي، لا أن تبقى مجرد نقابة مهنية.
وأعتقد أن النهج الذي اتبعته أثبت نفسه في نتيجة الانتخابات.
- وبسؤاله حول قضية المودعين: ما الذي ستفعله النقابة في هذا الموضوع؟ وهل هناك خطوات ملموسة متوقّعة؟ أجاب : “الملف هو “سرقة عصر” لم يُعالج منذ ست سنوات. وأول خطوة بدأت بها هي دعوة نقباء المهن الحرة للاجتماع بهدف تحرير أموال صناديق التقاعد، باعتبارها المدخل للمطالبة بأموال المودعين.
وأضاف :” قدّمت طلباً الى مجلس النواب لدفع أموال سندات التقاعد لأنها أموال يتامى وأرامل وعاجزين.
وإن مفهوم “توزيع الخسائر” مرفوض، لأنه يشرعن نهب أموال المودعين. والمسؤولية جماعية على الدولة، مصرف لبنان، والمصارف.
وأكد :” نحن ، سنعمل بما نستطيع لمواجهة منظومة فاسدة ومنسّقة سرقت أموال الناس. المهمة صعبة ولكن سنخوضها
وعن هيبة المحامي ونقابة المحامين في لبنان قائمة أم تراجعت؟ قال:”
هيبة النقابة قائمة، ونعمل على تعزيز حضورها وتأثيرها وتدخّلها في القضايا الوطنية.لأن النقابة هي نقابة الحق والعدل والقانون، ولا يجوز أن تنام. مسؤوليتها كبيرة في الدفاع عن لبنان والمواطنين وحقوقهم.
والعمل جارٍ على تنقية الجدول العام، وعلى إنشاء معهد للمحاماة يسمح فقط لأصحاب الكفاءة بدخول المهنة، مع تدريب مهني مستمر، لأن القضاء والمحاماة جناحا العدالة.
وبخصوص تفجير مرفأ بيروت، ودور نقابة المحامين ؟ ولماذا الأمور عالقة؟ أجاب :” الملف هو تفجير لا مجرد انفجار، وهو عمل إجرامي غير طبيعي.
النقابة كانت على الأرض منذ اللحظة الأولى، وقدّمت الشكاوى باسم المتضررين، وأنشأت مكتب دفاع يجتمع أسبوعياً من دون انقطاع.
ونحن نتابع قاضي التحقيق والقرار الجزائي المنتظر.
ورغم العوائق السياسية، فإن المسار القضائي مستمر ، والملف لن يُترك حتى تتبيّن الحقيقة.
وبسؤاله عن معركة الانتخابات اذا كانت مسيَّسة؟ وهل لعبت الأحزاب فيها دوراً مؤثراً؟ أجاب :”
المعركة نقابية مهنية بالأساس.
اما التدخلات فكانت تحصل عبر المحامين المنتسبين للأحزاب وهم حوالى 40% من الجسم النقابي.
وأنا ترشّحت كمستقل، وطلبت دعماً من جميع الأحزاب. وقد حصلت على دعم القوات اللبنانية ، وكنت أسعى أيضاً لدعم أحزاب أخرى.
لكن التكتلات الحزبية تجمعت في الجهة المقابلة.
وجاءت النتيجة (3010 أصوات من أصل 5000) وهذه رسالة بأن النقابة تريد نهجاً مستقلاً وأن لبنان الذي يشبه النقابة هو لبنان الفكر الحر لا الاصطفاف الحزبي.
أمّا عن الشفاعات والوساطات في المحاكم والتوقيفات ، فقال :” ثمة قناعة شعبية بأن الوساطات السياسية أنفع من المحامي عند التوقيف أو في بعض الدعاوى. وهذه الظاهرة هي نتيجة تدخلات سياسية قديمة في النيابات العامة وأقسام التحقيق. ولكن الحل يبدأ باستقلالية القاضي قبل استقلالية القضاء كمؤسسة.
وعلى القاضي أن يكون مستقلاً بشخصه كما كان في العصر الذهبي للقضاء.
وثمّن دور النقابة هو في رفع الصوت دفاعاً عن قضاء نزيه خالٍ من التدخلات باي شكل من الأشكال ، ويجب إقصاء السماسرة الذين يسيئون للقضاء والمحاماة ، والنقابة
ستتقدّم بشكوى ضد السماسرة، والعمل جماعي والمسؤولية كبيرة.
أما عن إشراك المغتربين بالانتخابات ، فأكد :” ان النقابة لا تتخذ مواقف سياسية تفصيلية. فهي تقف عند المبادئ العامة: إشراك المغترب حقّ، ولا يجوز حرمانه منه.
اما تفاصيل الصيَغ الانتخابية فهي من صلاحيات مجلس النواب، والنقابة لا تدخل في هذه الاصطفافات.
وعن حرية الإعلام ؟ أجاب :” إن حرية الإعلام وحرية الرأي ما زالت محصّنة في لبنان؟ ورغم فترات تراجع، حرية الإعلام اليوم جيدة ولم تعد مقيّدة كما في مراحل سابقة.
حرية الإعلام ضرورة لأنّه السلطة الرابعة، والضامن للشفافية ولمنع الانزلاق نحو دولة بوليسية.
وعن رسالته للمحامين مطلع عهده ، قال :” الرسالة واحدة لجميع المحامين دون تمييز:
“اخترتموني نقيباً، فجرّبوني وأنتم تستحقون.”
سأكون نقيباً حيادياً، بعيداً عن المحاصصة، معيار العمل لديّ هو الكفاءة والشفافية والنزاهة.
هدفنا حماية الحريات والحقوق وتأمين ظروف مهنية كريمة للمحامي.
أشكر من انتخبني ومن لم ينتخبني، والتحدي أن أجعل من لم ينتخبني يتمنى لو فعل، من خلال تنفيذ المشروع الذي بدأت فيه.
وبالسؤال الأخير :” بعد انتخابك نقيباً، أين سنراك في المرحلة المقبلة؟ قال:”
بين الناس، وفي المكتب، وفي العمل”
الحديث مع النقيب مارتينوس فيه متعة الاستماع الى الرغبة في السؤال، وفيه شغف الاستفادة من الحوار الى الاستزادة من المعلومات، لما يكتنزه من علم ومعرفة ، ومن خبرة ميدانية في النضال النقابي جعلته نقيبا متميزا من طينة النقباء المؤسسين . فعساه يحقق برنامجه الانتخابي الطموح ، وقد جزم ان تحقيقه والمجلس النقابي هو عهد ووعد والتزام .
” ألخماسية الإعلامية الجبيلية “



