
مما لا شك فيه أن المشهد السياسي في المنطقة عامة يلفّها ضبابا كثيفا ما يجعل المراقبين والمحللين قي حالة من ضياع البوصلة التي ترشدهم الى ماهو قادم الينا .
غير أن القارئين الجيدين والمتابعين بدقة لمسار الأمور ، لا يحتاجون الى أضواء كاشفة لإزاحة ضبابية المشهد بدءا من تسلسل الأحداث التي مررنا بها طيلة عقد ونيف بدءا بالثورة السورية ( مفتاح المخطط المرسوم ) مرورا باحداث العراق وقصف ايران وبحرب اليمن وغزة وصولا الى حرب اسنادها ونتائجها وتداعياتها .
* مشروع كيسنجر على سكة التطبيق *.
كلنا مدرك أن هدف إسرائيل هو خلق كيانات طائفية ودويلات صغيرة حولها كي تضمن وجودها واستمراريتها في هذا الشرق وبدعم مطلق من الغرب وفي مقدمهم الولايات المتحدة الأميركية .
إثر سقوط نظام الأسد واستبداله بنظام آخر بسرعة فائقة ، “وبترئيس” الجولاني واستبداله بالشرع ورعايته عربيا ودوليا ، لا بد وان تتبلور المهام المكلف بها شيئا فشيئا ، والأهم خلق كيانات طائفية خالصة وصافية وهذا ما تجلى بوضوح من خلال المجازر التي تعرضت لها الأقليات في سوريا ،
مجازر الدروز في جبلهم وعقر دارهم ، ومجازر العلويين في الساحل والتعرض للمسيحيين في مناطقهم وكنائسهم ، كما وضع الأكراد في شمال شرق سوريا ، إشارة الى ان اي مكوّن اقلوي يتعرض للقتل والإنتهاكات والظلم ، تخلق لديه ردة فعل تلقائية ويتكاتف مكوّنه ويتضامن أبناؤه في ما بينهم وبالتالي تشتد العصبية لديه ويصبح كيانا متراصا أشبه بدويلة طائفية قائمة بحد ذاتها .
- السؤال البديهي والمنطقي الذي يطرح عندنا في لبنان ،
كل ما يحصل وسيحصل في سوريا له تداعياته المباشرة على واقعنا اللبناني بحكم التاريخ والجغرافيا والجيوسياسية .
وهنا لا بد من تسجيل إرتيابنا من الضغوط الهائلة التي تمارسها بالأخص الإدارة الأميركية على الحكم في لبنان لنزع السلاح ولو بالقوة وإلا ( الويل والثبور وعظائم الأمور ) ،
وهذا يعني زجّ الجيش في مواجهة عسكرية مع الحزب دون الأخذ بالإعتبار ما سينتج عن ذلك من دمار ودم ومآسي وفرط للدولة غير المستقرة وإلى الإنقسامات والتباعد البنيوي للمكونات ، وهل ما يخطط هو باتجاه تقسيم ال ١٠٤٥٢كم٢ وجعلها كيانات طائفية تحاكي الواقع السوري المتاخم لنا وتتماهى معه ، والذي بدأت ملامحه تتوضح يوما بعد يوم ؟
وهنا نتساءل أيضا عن مواقف وتصريحات المبعوث الأميركي الى سوريا والذي هو من أصل لبناني ، والذي يطالعنا بمعادلاته المستغربة ، فتارة يقول ان لبنان هو جزء من بلاد الشام ،
و طورا ان لبنان دولة فاشلة ، ومؤخرا تصريحه الذي أشار فيه أن لبنان وسوريا متجاوران ويتشابهان بكل شيء .
نختم مقالنا هذا كما في كل مقالاتنا ، قائلين أن بالوحدة الوطنية فقط نحمي بلدنا ونصون إستقلالنا وننهض به ليعود لؤلؤة الشرق،
وحمى الله لبنان من كل المؤامرات التي تحاك له ومن الشرور المتربصة بنا ،
والسلام .



