باكورة المخطط المرسوم (جورج صباغ)

مما لا شك فيه أن المشهد السياسي في المنطقة عامة يلفّها ضبابا كثيفا ما يجعل المراقبين والمحللين قي حالة من ضياع البوصلة التي ترشدهم الى ماهو قادم الينا .

غير أن القارئين الجيدين والمتابعين بدقة لمسار الأمور ، لا يحتاجون الى أضواء كاشفة لإزاحة ضبابية المشهد بدءا من تسلسل الأحداث التي مررنا بها طيلة عقد ونيف بدءا بالثورة السورية ( مفتاح المخطط المرسوم ) مرورا باحداث العراق وقصف ايران وبحرب اليمن وغزة وصولا الى حرب اسنادها ونتائجها وتداعياتها .

  *  مشروع كيسنجر على سكة التطبيق *.

كلنا مدرك أن هدف إسرائيل هو خلق كيانات طائفية ودويلات صغيرة حولها كي تضمن وجودها واستمراريتها في هذا الشرق وبدعم مطلق من الغرب وفي مقدمهم الولايات المتحدة الأميركية .

إثر سقوط نظام الأسد واستبداله بنظام آخر بسرعة فائقة ، “وبترئيس” الجولاني واستبداله بالشرع ورعايته عربيا ودوليا ، لا بد وان تتبلور المهام المكلف بها شيئا فشيئا ، والأهم خلق كيانات طائفية خالصة وصافية وهذا ما تجلى بوضوح من خلال المجازر التي تعرضت لها الأقليات في سوريا ،
مجازر الدروز في جبلهم وعقر دارهم ، ومجازر العلويين في الساحل والتعرض للمسيحيين في مناطقهم وكنائسهم ، كما وضع الأكراد في شمال شرق سوريا ، إشارة الى ان اي مكوّن اقلوي يتعرض للقتل والإنتهاكات والظلم ، تخلق لديه ردة فعل تلقائية ويتكاتف مكوّنه ويتضامن أبناؤه في ما بينهم وبالتالي تشتد العصبية لديه ويصبح كيانا متراصا أشبه بدويلة طائفية قائمة بحد ذاتها .

  • السؤال البديهي والمنطقي الذي يطرح عندنا في لبنان ،
    كل ما يحصل وسيحصل في سوريا له تداعياته المباشرة على واقعنا اللبناني بحكم التاريخ والجغرافيا والجيوسياسية .

وهنا لا بد من تسجيل إرتيابنا من الضغوط الهائلة التي تمارسها بالأخص الإدارة الأميركية على الحكم في لبنان لنزع السلاح ولو بالقوة وإلا ( الويل والثبور وعظائم الأمور ) ،
وهذا يعني زجّ الجيش في مواجهة عسكرية مع الحزب دون الأخذ بالإعتبار ما سينتج عن ذلك من دمار ودم ومآسي وفرط للدولة غير المستقرة وإلى الإنقسامات والتباعد البنيوي للمكونات ، وهل ما يخطط هو باتجاه تقسيم ال ١٠٤٥٢كم٢ وجعلها كيانات طائفية تحاكي الواقع السوري المتاخم لنا وتتماهى معه ، والذي بدأت ملامحه تتوضح يوما بعد يوم ؟

وهنا نتساءل أيضا عن مواقف وتصريحات المبعوث الأميركي الى سوريا والذي هو من أصل لبناني ، والذي يطالعنا بمعادلاته المستغربة ، فتارة يقول ان لبنان هو جزء من بلاد الشام ،
و طورا ان لبنان دولة فاشلة ، ومؤخرا تصريحه الذي أشار فيه أن لبنان وسوريا متجاوران ويتشابهان بكل شيء .

نختم مقالنا هذا كما في كل مقالاتنا ، قائلين أن بالوحدة الوطنية فقط نحمي بلدنا ونصون إستقلالنا وننهض به ليعود لؤلؤة الشرق،
وحمى الله لبنان من كل المؤامرات التي تحاك له ومن الشرور المتربصة بنا ،
والسلام .