السيادة في مواجهة الاحتلال !!!


نجيب زوين


منذ تولّيه مهامه، اعاد وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي لهذا الموقع هيبته ودوره الطبيعي، فأظهر مزايا طالما انتظرها اللبنانيون من رأس الدبلوماسية اللبنانية.
فوزير الخارجية، قبل كل شيء، انعكاسٌ للدولة التي يمثّلها، لا لرغباته الشخصية ولا لمرجعيته السياسية. وحين تكون الدولة والجهة السياسية التي ينتمي إليها منسجمتين في المبادئ والرؤى والثوابت، تأتي الممارسة السياسية أكثر وضوحاً وصلابة.
اليوم، ومع وصول الرئيس جوزيف عون إلى سدّة الحكم، يشهد لبنان تحوّلاً جذرياً لا مجرّد نقلة نوعية. فنحن أمام مرحلة تسعى بجدّية لبناء دولة تمتلك قرارها وسيادتها، وتتحمّل وحدها مسؤولية الأرض والشعب.
فالقرارات العسكرية والسياسية والمالية هي حق حصري للحكومة الشرعية برئاسة الدكتور نواف سلام، كما أنّ احتكار السلاح من قبل المؤسسات الرسمية التي تأتمر بالحكومة يشكّل ركناً أساسياً من أركان الدولة الحديثة. وبناءً على ذلك، فإن أي جهة لا تلتزم بهذه المبادئ تعتبر خارج إطار الشرعية، وتقع على الدولة مسؤولية ملاحقتها وردعها بالوسائل المتاحة، وفي التوقيت والأسلوب اللذين تراهما مناسبين.
تمثّل الحكومة الحالية جميع الأطياف السياسية، من أقصى اليمين، القوات والكتائب، إلى أقصى اليسار، الثنائي الشيعي. ورغم بطء مسار البناء، إلا أنه يسير بثبات نحو ترسيخ حكم سيادي واضح المعالم.
على هذه الأسس تُبنى العلاقات الخارجية، وتُصنّف الدول بين صديقة وغير صديقة، فالعلاقات تُقام بين دولة ودولة، لا بين دولة وميليشيا. ومن هنا يُطرح السؤال: هل العلاقات اللبنانية – الإيرانية اليوم طبيعية بالفعل؟ أم يجري العمل على تصويرها كذلك خلافاً للواقع؟
انطلاقاً من هذه المقاربة، جاء طلب الوزير يوسف رجي عقد لقاء مع نظيره الإيراني في دولة ثالثة، إدراكاً منه لدوره وحدود مسؤوليته. أما رفضه الدعوة لزيارة طهران في الظروف الحالية، فقد وضع حداً لمحاولات الاستعراض السياسي والتكاذب الإعلامي، ولا سيما تلك التي تعتمدها بعض المنابر الصفراء.
فالسلطة اللبنانية تعتبر حزباللا ميليشيا مسلّحة خارج الشرعية. والسؤال يبقى:
• هل أوقفت إيران دعمها المالي والعسكري لهذه الميليشيا؟
• هل توقّفت عن التدخل في الشأن الداخلي اللبناني وتعزيز نفوذ الحزب في مواجهة الدولة؟
• ماذا عن تسلّمها المباشر لقيادة الملف بعد مقتل الطبطبائي؟
• وكيف نفسّر ضبط النظام السوري لشحنات أسلحة مهرّبة من إيران إلى حزباللا؟
• وأين تُصنَّف مئات ملايين الدولارات التي هُرّبت بطرق مختلفة للحزب؟
• وهل استمرار تمويله وتسليحه رغم قرارات الدولة يُعدّ «عملاً أخوياً»؟

هذه نماذج قليلة من واقع معروف. فإن كانت إيران راغبة فعلاً بعلاقة صداقة مع لبنان، فعليها وقف تدخلها في سياسة لبنان الداخلية، وقطع دعمها العسكري والمالي لحزباللا والطلب منه تسليم سلاحه الى الجيش اللبناني، وحصر علاقتها بالدولة اللبنانية حصراً. عندها فقط يصبح التعامل معها كدولة صديقة أمراً طبيعياً، ولا مانع عندها من عقد اللقاءات في طهران. أمّا ما عدا ذلك فلا يتجاوز كونه مشهداً مسرحياً ممجوجاً…
يوسف رجي مثال الوزير السيادي لن نقبل باقل من ذلك مستقبلا.