بين عون وسلام كيمياء غائبة ولكن…هدف واحد وترقّب!

نجوى أبي حيدر

ا


على خطين متوازيين لا يلتقيان الا على المصلحة الوطنية، يسير رئيسا الجمهورية العماد جوزاف عون والحكومة نواف سلام . الرجلان محكومان بالاتفاق في ما بينهما، فقط لأنهما وصلا الى موقعيهما انتخاباً وتكليفاً لتنفيذ عملية انقاذية للوطن المنهار والدولة المُشلعة المنقسمة على نفسها تحكمها دويلة مُرتهنة للخارج ومصالحه.
ليست الكيمياء قوية بينهما حتى تكاد تكون في أدنى مستوى، استناداً الى ما تُبرزه المعطيات والوقائع، وما يلمسه العارفون ببواطن الامور، بيدّ ان الامر لا يلغي في الودّ قضية، فلكل منهما اسلوبه ومقاربته في كيفية بلوغ الهدف، ولو تضاربت احيانا وتباينت طريقة الاداء الى درجة الخلاف احياناً اخرى، على غرار ما حصل في اشكالية اضاءة صخرة الروشة وتداعياتها، الا انهما محكومان بالتفاهم والتوافق والتعاون، يتمسكان بالمبادئ والثوابت والمسلمات الوطنية لا يساومان على الحق ولا يتراجعان امام المصلحة الوطنية، لكنهما يتريثان في فرض الحلول، حرصاً على السلم الاهلي والاستقرار، في لحظة مصيرية يمر بها لبنان والمنطقة. وتقول اوساط سياسية مُطلِعة لـ”المركزية” ان الرئيس عون يحرص، اقله حتى نهاية السنة، على السلم الاهلي في لبنان وعدم تعريضه لأي انتكاسات امنية قد يتسبب بها استخدام القوة لتطبيق قرارات الحكومة. فالمنطقة تغلي والاوضاع غير مستقرة والضبابية تخيم على مجمل الملفات وثمة تغييرات جذرية تطرأ في اكثر من قضية وتقلب موازين القوى، بدليل ما يحصل راهناً في غزة ويصب في مصلحة مشروع السلام الذي يشق طريقه الى التنفيذ بإصرار من الرئيس الاميركي دونالد ترامب . وتؤكد ان الاتفاق الاسرائيلي مع حماس حول غزة لا بدّ سينعكس على لبنان ورياحه ستلفح مصير حزب الله وسلاحه، على قاعدة انه “لن يكون ملكياً اكثر من الملك”.
استناداً الى ما تقدم، تُمكن قراءة ما آلت اليه مداولات جلسة مجلس الوزراء في شأن تعليق عمل جمعية “رسالات” التابعة لحزب الله عوض سحب العلم والخبر منها وفق ما كان يطمح الرئيس سلام، لتجروئها على كسر قرار الحكومة ، والذي سبقته تصريحات جد استفزازية من نائب الحزب حسن فضل الله عبر قناة “المنار” وفيها ما فيها من لازمة “بلوه واشربوا ميتو” اذ توعّد الرئيس سلام وقال بلهجة حادة ما حرفيته :أدرج على جدول أعمال مجلس الوزراء بند سحب ترخيص جمعية الرسالات… إن شاء الله ما يغلطوا ويأخذوا قرار بسحب الترخيص. أنا أقول لك، يمكن كل احتفالاتنا نعملها باسم جمعية الرسالات. وأنا واحد من النواب بتعهّد للجمعية: كلّما يكون عندي كلام بمجلس النواب بدي أقول أنا أمثل جمعية الرسالات، وقرارك بلو واشرب ميتو، هيك رح أحكي بمجلس النواب… وبالتحدي محدا بياخد منا شي”.
تهديد ووعيد نائب الحزب المُتسلِح بفائض القوة، كان لِيُحاكم عليه، في اي دولة يُطبق فيها القانون على الجميع، لما فيه من استهزاء بالحكومة ورئيسها، الا ان مقتضيات السلم الاهلي وضرورة التسلّح بالحكمة والتبصّر في المعالجات وترقب ما سيحمله قابل الايام من تطورات قد تكفل عودة دولة القانون، فرملت سحب الترخيص واندفاعة رجل القانون الصارم، الرئيس السلام، في فرضه تجنباً لمواجهات مفتوحة بين الحزب والسلطة التنفيذية ليس الزمان زمانها، بحسب نصيحة الرئيس جوزاف عون.

متى يفعل حزب الله ما فعلته حماس.. وهل ينتظر إمهاله 72 ساعة وإلا؟! (بقلم لارا يزبك)
مساء الجمعة الماضي، سلّمت حركة حماس، ردّها على مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن الحرب على غزة للوسطاء. وقالت في بيان إنها “تقدّر الجهود العربية والإسلامية والدولية وجهود الرئيس الأميركي الداعية إلى وقف الحرب على قطاع غزة وتبادل الأسرى ودخول المساعدات فوراً ورفض احتلال القطاع ورفض تهجير الفلسطينيين منه”. واعلنت موافقتها على الإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين الأحياء والأموات. وجددت الحركة موافقتها على تسليم إدارة القطاع لهيئة فلسطينية من المستقلين (تكنوقراط) بناء على التوافق الوطني الفلسطيني، واستنادا للدعم العربي والإسلامي.
على الاثر، أبدت فصائل المقاومة الفلسطينية، السبت، تأييدها للرد الذي قدمته حركة حماس على المقترح الأميركي، واصفة إياه بأنه “موقف وطني مسؤول” اتُّخذ “بعد مشاورات معمقة مع فصائل المقاومة”. ايضا، أكدت حركة الجهاد الإسلامي، أن رد حركة حماس على خطة ترامب هو تعبير عن موقف “قوى المقاومة” الفلسطينية.وفي المفاوضات التي اعقبت هذه الموافقة وحصلت في شرم الشيخ، تم التوقيع على خطة ترامب وصادق عليها الإسرائيليون وحماس، وستسلك طريقها الى التنفيذ العملي في الساعات المقبلة.
تسرد مصادر نيابية سيادية هذه الوقائع، لتقول عبر “المركزية” ان حماس نفسها، التي اطلقت طوفان الاقصى وتعرّضت مباشرة للقتل والدمار والتهجير على يد تل ابيب، توصلت الى اتفاق مع إسرائيل، وضعته الولايات المتحدة، اي “الشيطان الاكبر”، والحركة لم تكتف بالترحيب بخطة واشنطن والموافقة عليها، بل شكرت ترامب وثمنت جهوده لوقف الحرب.
في مقابل هذا الخطاب المرن، الذي سيتبعه خروجٌ من الحكم في غزة وايضا خروجٌ عسكري من القطاع، وصولا الى تسليم السلاح، نرى في لبنان، حزب الله يتشدد ويرفع السقوف ويتمسك بالسلاح. فهل يزايد على حماس؟ هل هو احرص على حقوق الفلسطينيين من حماس نفسها، وقد قررت الاخيرة وقفَ الحرب حقناً للدماء، لانها فهمت ان لا جدوى او توازنا في الحرب مع إسرائيل؟ ربما سلاح الحزب لم يعد دوره تحرير القدس بل ردع إسرائيل وتحرير الجنوب. حسنا، تتابع المصادر. حماس أوقفت القتال ووافقت على بعض الضمانات التي حصلت عليها من الدول العربية وواشنطن تقول بان إسرائيل ستنسحب من غزة وستوقف الحرب على الفلسطينيين، اذا طبقت حماس الاتفاق. فلماذا لا يفعل الحزب الامر نفسه في لبنان؟
لماذا يرفض تسليم السلاح على أن يعقب هذا التسليم انسحاب إسرائيل من الجنوب، وهو ما يطالب به الاميركيون لبنان؟ هل لتل ابيب اطماع في لبنان، اكثر من غزة مثلا؟! للتذكير، تتابع المصادر، نحن نتحدث هنا عن حماس والفصائل المؤيدة لها، اي انها كلها جزء من محور الممانعة، شأنها شأن الحزب، وقد وافقت على هذا المسار. فلماذا ما يسري عليها وما ترتضيه هي، لنفسها، حقنا لدماء الفلسطينيين، مرفوضٌ في لبنان، ويشن الحزبُ حملة شعواء ضده؟ وهل اتفاق حماس مع إسرائيل وترامب، حماية للفلسطينيين، حلال، بينما اتفاق مع اميركا يحمي اللبنانيين ويحرر أرضهم، حرام؟
نريد اجوبة من حزب الله، تقول المصادر قبل ان تسأل: هل يفعل الحزب ما فعلته حماس سريعاً ومن تلقاء نفسه، ام يفضّل ان يمنحه ترامب ٧٢ ساعة وإلا، كي يتصرف؟!