طائفتي لبنان والمتألِّمون:
ألأب يعقوب الكبّوشي من أكبر قدّيسي القرن العشرين. أصبحَ طوباويًّا، إنّه بحاجة إلى أعجوبة واحدة، كي يُصبحَ قدّيسًا، لكنّ أعمالَه أعجوبة، لديه ميزة فريدة من نوعها، وعلى الأخصّ كقدّيسس لبناني، فقد كتب عشرة آلاف صفحة وعظ، أي أنّه صلّى بمقدار ما صلّى القدّيس شربل، كان يرفع يديه ويمددهما، في الوقت عينه، على شكل صليب، وذلك من خلال أعمال الخير والرّحمة اللّتين كان يقوم بهما، بالإضافة إلى أنّه كان يعظُ في رياضات روحيّة، يحتفل بالذبيحة، يعلّم التعليم المسيحي، يفتح مدارس، يُؤسِّس أخويّات؛ لذلك ما عسانا نقول له؟!
حين تنظر إلى صورته تشعر بارتسام بسمة رضا على شفتيه، ألحنان في قلبه مثل عبير الزّهر، وعندما يمدّ يده تفيض لآلىءُ نور من الكرَم. إتّخذ شعارًا: "طائفتي لبنان والمتألّمون"؛ كان يقولُ لراهباته: "إذا أردتُنَّ أن تتبَعنني، فعليكُنَّ أن تتبعنَ هذا الشّعار".
تتأمّل فيه فتشعر أنّ الله قد حلَّ فيه؛ ذهبَ بعيدًا، وبات يرى صورة الملائكةِ في كلّ بائسٍ وشريد؛ نستطيع القول إنّ "أبونا" يعقوب وراهباته هم، اليوم، واحة رجاء، واحة عطاء، بمعنى العطاء"الغير شكل" الّذي لا مثيلَ له.
لم يكن يملك شيئًا، ولكن، لشدّة تشبُّعِهِ بروح الله، وتحلّي وجهه بجمال وجه الله، فقد كان النّاس يقدّمون له الهبات، فأنجزَ مشاريع تعجز الدولةُ عن إنجازها.
صورتُه تماثلُ صورة الأمّهات، ينحني، يشفي، يؤاسي، يوزّع الحسنات؛ حين ينظر إليك تشعر وكأنّ هناك شعاعًا يُضيءُ فيك الرّجاء.
وجهُه وجه ملاك، تتلمّسُ فيه السّماء. نصلّي إلى "أبونا" يعقوب كي يرسلَ دعواتٍ إلى رهبنته، ليبقى الخيرُ مزروعًا.
صدقُه وشفافيّته جعلاه موضوع احترام المسؤولين في الدّولة، فقد أعادَ إلى وزير الصحّة، يومًا، ما فاض عنه ممّا خصَّتهُ به الحكومة. فسأله الوزير: ما هذا؟ فأجابه: إنّها أربعون ليرة، أعيدُها إليكم، لأنّنا لم نصرفها. فضحكَ الوزير، وقال له: لو كان موظّفونا مثلكَ لا يقبلون إلاّ ما نعطيهم إيّاه، أي للأسف لا يسرقون( وأضع هذه الكلمة بين هلالين)، لكان لبنان أروع بلد في العالم.
في العام 1948، قصدَ وزارة الصحة لإجراء معاملة وكان على الباب رجلٌ مشوَّهٌ بشكلٍ مخيفٍ لا يوصف، تركه أهله، أمام الوزارة، ليتدبَّرَ الوزير أمره؛ فسأل الوزير “أبونا” يعقوب” ماذا نفعل به؟!
نظر إليه أبونا يعقوب، وقد أمسك بلحيته، وقسمها اثنين، وقال للوزير: أرسِلهُ إليَّ، إنّه يُناسبُ هذه اللّحية. فهذا الإنسان العظيم يقبل عنده كلّ المتروكين، ونحن نسمّيه “مار منصور دي بول” لبنان، و”دون بوسكو” لبنان.
أبونا يعقوب:
من صدرِكَ عبيرُ الزُّهورِ
على ثَغرِكَ بسمةُ الرِّضَى
في يدِكَ لآلئُ نورِ
أبونا يعقوب
-١- صَرخَتُك شعارٌ
نحنُ بهِ مُلزمون
“طائفتي لبنانُ
والمتألِّمون”
-٢- اللهُ فيكَ حلَّ
سارَ بكَ للبعيد
صرتَ الملاذَ الهادي
للبائسِ والشريدْ
-٣- يا واحةَ العَطَاءِ
يا صورةَ الأمّهات
تحنو، تشفي، تؤاسي
تغمرُ بالحسنات
-٤- نظرتُكَ شعاعٌ
يبعثُ فينا الرّجاء
وجهُك كالملاكِ
نلمُسُ فيه السّماء



