دعوا الرئيس يعمل …لئلا…..

جوزف القصيفي

كان رئيس الجمهورية جوزاف عون واضحا تمام الوضوح عندما قال للصحافيين والاعلاميين أن موضوع سلاح ” حزب الله” لا يناقش في وسائل الاعلام، وعلى صفحات التواصل الاجتماعي. فهذه مسألة حساسة ودقيقة تتعلق بالامن الوطني،ومقاربتها يجب أن تتم بموضوعية وشفافية وبقدر من المسؤولية،لئلا يتحول اي سجال حولها ،إلى مصدر توتر ينعكس سلبا على المحاولات التي تبذلها الدولة لاطلاق عجلتها. وكان سبق لرئيس الجمهورية أن أبلغ أعضاء الحكومة أن ملف السلاح في عهدته، وهي دعوة صريحة- لمن يجيد القراءة- أن لا سبب لافتعال مشكلة، واثارة حساسيات، واتباع اسلوب التحدي،طالما انه إلتزم بالتواصل المباشر وغير المباشر مع قيادة ” حزب الله”لمعالجة هذا الموضوع. وأن كلامه عن مؤتمر وطني لوضع استراتيجية للامن الوطني في زيارته الأخيرة إلى باريس، والذي كرره في تصريحات لاحقة، وزيارته الأخيرة إلى الدوحة،ينم عن معرفة دقيقة بالوضع الداخلي وطبيعة المرحلة،مما يستوجب مقاربة واقعية وعقلانية،بعيدا من منطق المواجهة والمكاسرة بين أفرقاء الداخل. على أن التصريحات النارية والحملات المتبادلة بين ” الثنائي الشيعي” وتحديدا ” حزب الله” وخصومه في شأن السلاح،تزيد الجو العام إحتقانا. وقد بلغ الاستفزاز السياسي المصحوب أحيانا بمظاهر ميدانية مدنية،حدوده القصوى، ما استدعى مواكبة مباشرة من الأجهزة الرسمية على إختلاف مستوياتها تحسبا لأي مفاجأة. وفي هذا الوقت تستمر إسرائيل في إعتداءاتها على الجنوب وغاراتها العنيفة، وتهديداتها من دون رادع أو وازع ،ووسط صمت دولي وعربي مطبق. وهذه الاعتداءات التي لم تفلح القرارات الدولية في لجمها،تعزز ذريعة المعارضين لتسليم سلاح المقاومة.مع الإشارة إلى أن قائد الجيش العماد رودولف هيكل أكد في غير مناسبة أن وحدات الجيش تعمل بحرية تامة في منطقة جنوب الليطاني،وأن ” حزب الله” متجاوب ولا يعرقل تحرك هذه الوحدات في الكشف عن مخازن الأسلحة ومصادرتها، في حين أعلن الحزب ان لم يعد له وجود عسكري في هذه المنطقة. إنطلاقا من هذه المعطيات، وبعيدا من السجال العقيم حول نزع السلاح أو تسليمه، والحملات الاعلامية الاعلامية التي تنمي النفور والكراهية بين مكونات لبنانية مكتوب عليها العيش معا في ظل دولة واحدة موحدة يسودها العدل والقانون، يتحرك الرئيس عون في الداخل والخارج ويكثف إتصالاته مع عواصم القرار من أجل بت هذا الموضوع،وذلك في إطار رؤية متكاملة تبدأ من انسحاب إسرائيل من النقاط الخمس التي إحتلتها في جنوب لبنان بعد صدور القرار الاممي بوقف إطلاق النار،ووضع حد لاعتداءاتها على لبنان بعدما أصبحت منطقة جنوب الليطاني في عهدة الجيش، وحصر السلاح بيد الدولة بعد مؤتمر للحوار يناقش استراتيجية الأمن الوطني، وخطة الدفاع عن البلاد في ظل الخطر الاسرائيلي الدائم. على أن استراتيجية الأمن الوطني التي تركز اساسا على الوضع في جنوب لبنان، والحدود مع فلسطين المحتلة،لن تستثني الوضع في شرقي البلاد وشمالها على الحدود اللبنانية- السورية التي تشكل بؤرة توتر مستمر اذا لم تعالج الملفات العالقة بين بيروت ودمشق بطريقة جذرية. ويقول سفير غربي على متابعة يومية لملف الوضع في جنوب لبنان ،وعمل لجنة المراقبة الخماسية انه يجب على كل الافرقاء في اي موقع كانوا، أن يتيحوا الفرصة لرئيس الجمهورية لحل موضوع سلاح ” حزب الله” في إطار العنوان العريض الذي أطلقه:” حصر السلاح بيد الدولة.” بعيدا من الضغط والتحريض،لئلا تتطور الأمور إلى غير ما يراد للبنان من استقرار وانتظام دستوري وسياسي وامني واقتصادي. فلبنان في هذه المرحلة يسير ببطء وحذر نحو التعافي وأن اي انتكاسة سياسية أو إضطراب،مهما كان محدودا،سينعكس عليه سلبا،وستكون تداعياته خطيرة. وفي المعلومات أن رئيس الجمهورية أراد من تصريحاته الأخيرة وكلامه في مجلس الوزراء إفهام الجميع انه لن يدع موضوع سلاح ” حزب الله” في سوق التجاذب السياسي المحلي والاستغلال الخارجي، بل سيتولى هو شخصيا الموضوع من منطلق مسؤولية كرأس للدولة ورمز وحدتها،وهو الأكثر الماما به كونه وفد إلى الرئاسة الأولى من قيادة الجيش اللبناني التي تعرف الكثير عنه كونها المعنية الأولى به بحكم وجود وحدات الجيش وانتشارها في الجنوب وعلاقتها المباشرة مع ” اليونيفيل ” والمجتمع هناك الذي يعتبر حاضنا للمقاومة. وبالتالي فإن الرئيس عون يحسن التعاطي مع الجهات ذات الصلة المباشرة وغير المباشرة بهذا الملف. هل يكون كلام رئيس الجمهورية،هو الفيصل في موضوع الأمن الوطني وسلاح ” حزب الله” من منطلق الثقة بدوره كرئيس للبنان وكل اللبنانيين ،أو يستمر الجدال والشحن المتبادل،على النحو الذي شهدناه في الفترة الأخيرة من حملات واتهامات لم تؤد الا إلى شحن النفوس وزيادة منسوب التحدي الذي لا طائل تحته،اللهم الا إستئخار الاستقرار على أنواعه في وقت يبدو لبنان في مسيس الحاجة إليه،بعدما سئم ابناؤه وتعبوا من الحروب غير المجدية بين بعضهم البعض.