المسيح فاتح الأمداء…ووجه الحق (جوزف القصيفي)

شهادة حياة لمسيرة إيمانية للنقيب جوزف القصيفي قدّمها في “مسيرة الحج” الى دير مار أنطونيوس قزحيا بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام والمركز الكاثوليكي للإعلام

يطل وجه المسيح ماسحا غبارة الزمن، كمنارة يبدد نورها سحب الظلام، فاتحا الامداء على عهد جديد، خارجا من كهوف الضلالة، عابقا بعطر الحب، متساميا فوق حدود المادة، وائدا شياطين الأنانية، باسطا كفيه صفحة نورانية تتراقص فيها الأحرف وتتشكل الكلمات وقدا من شعل تفتح الطريق أمام آيات-عبر، تنظم قانون حياتنا، وترسم خطوط اقدارنا. انا المسيحي، الماروني ،ابن الجبل الذي سقاه جدودي عرق جباههم، واخشوشنت ايديهم وهم يفتتون الصخر، ويطوعون الوعر،اكرمني الله باني ولدت في جوار كنيسة مار جرجس ببلدتي الكفور ذات يوم تشريني ، وفي طفولتي لم يفصل بين بيتي الوالدي وكنيسة مار انطونيوس البادواني في المعاملتين إلا تمتمة ابانا، وكأن الكنيسة هي الجلد الذي نلبسه، والهواء الذي نتنفسه، والعطر الذي نتنشقه، فلا يمكن أن نبدل فيئها برياض الدنيا مهما ورف ظلها وانساب عطرها، كانت ايام شبابي على مدة مرحبا من كنيسة سيدة الزروع في البلدة نفسها، وعندما إرتبطت بشريكة الحياة،أبت الكنيسة إلا أن تجاورنا، فكانت السكنى في رعاية سيدة العطايا-ادما. وبعد، هل استطيع ألا اكون ابنا للكنيسة، شغوفا بالسيد المسيح الذي يقود خطاي في المهنة التي دخلتها بنفس رسولي، متخليا عن مهن كانت لو مارست إحداها،قد وفرت لي سعة عيش، ورغد حياة اكثر مما جنيته مغالبا الصعاب ،مواجها التحديات. المسيح علمني الكثير، وانا بعد تلميذ يجتهد لمعرفة سر عظمته، والالتزام بتعاليمه. إسمعوه يقول:” لا توقدوا سراجكم وتضعوه تحت مكيال، بل على منارة ، ليضيء نوركم للناس”. نعم كان سراجي متقدا، وكان قلبي على لساني، ولساني يتدفق سطورا على لوح عمري، فليس عندي ما اكتمه واخفيه. صفحة بيضاء كما أراد يسوع أن تكون قلوبنا. كنت كما ارادني ملك المجد عارفا بالحق، لأتحرر به:” تعرفون الحق والحق يحرركم” علمني المسيح ألا أخشى الحقيقة وقولة الحق، وأن تكون لي جرأة الموقف والخيار: ” ليكن كلامكم نعم نعم ولا لا”. علمني المسيح أن انتصر للمظلوم على الظالم،والمقهور على القاهر،وأن أمجد آلاب السماوي في كل عمل اقدم عليه نصرة لاخوتي هؤلاء الصغار. لا تزال عظة جبل الزيتون التي سبقت تسليم الفادي تهز مني الكيان هزا عنيفا، وكأنها النجم المذنب، المذهب الذي ينير أمامي طريق الخير والحب والجمال. الصحافة – رسالة، قبل أن تكون مهنة، وقد حملت صليبها، وقطعت جلجلتها أعزلا إلا من إيماني. إن المسيح علمني أن اشهد للحق حتى الشهادة، لا أن اقبل بأن يستشهد الحق على لساني وشفا قلمي من أجل ثلاثين من الفضة …فاعيش من دون أحيا، واقع من دون أن أجد قيراونيا يعينني على حمل الصليب،وأنعم بمنديل فيرونيكا تزيل مسحة الألم عن جبيني المتغضن . أكل إلى المسيح حياتي، لاجوز صحراء عمري واقبض على السراب ليستحيل واقعا بقوة الرجاء. سابقى في حجيج دائم لاشهد على مسيرة حياة نذرتها للفادي ،فانقاد للحق لاقود الناس اليه.

جوزف القصيفي