التوقيت والمكان… حزب الله لن يرد في الوقت الراهن ولن ينجر الى الفخّ الإسرائيلي

محمد حمية

بات واضحاً أن مطلقي الصواريخ “اللقيطة” من الجنوب باتجاه المستوطنات الإسرائيلية هم عملاء مكلفون من قبل إسرائيل، لكي تكون ذريعة لتوسيع الإعتداءات من الجنوب الى البقاع وصولاً الى استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت لتحقيق أهداف عدة:
*التوقيت والمكان مرتبطان باحتفال حزب الله في يوم القدس العالمي في الضاحية الجنوبية في مكان قريب من الاستهداف، وبالتالي إلغاء أي تجمع شعبي يمكن أن يستفيد منه الحزب ليُظهّر حضوره الشعبي والسياسي، وبوجود رئيس الجمهورية في فرنسا.
*الرد بالنار على كلام رئيس الجمهورية أمس في حديثة لقناة فرانس 24 الذي حمل العدو الإسرائيلي مسؤولية عدم الإلتزام باتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701 وتأكيده في المقابل بأن حزب الله التزم بما عليه في جنوب الليطاني، وبأن سلاحه يناقش ضمن إطار الاستراتيجية الدفاعية والأمن الوطني.
*إرهاب اللبنانيين معنوياً ونفسياً وبيئة المقاومة خصوصاً في الجنوب والبقاع والضاحية ومحاولة قهرهم وتدفيعهم ثمن استمرارهم بالوقوف مع حزب الله.
*وضع حزب الله تحت الضغط المستمر وتدفيعه ثمن استمراره بالإحتفاظ بسلاحه والإلتزام بنهجه وموقفه المعادي لإسرائيل والوقوف مع القضية الفلسطينية ورفض التطبيع والإستسلام.
*محاولة استفزاز حزب الله بانتهاك معقله الرئيسي في الضاحية الجنوبية للمرة الأولى بعد قرار وقف إطلاق النار في تشرين الثاني الماضي، وتكريس قواعد إشتباك جديدة “الضاحية مقابل المطلة وكريات شمونة”، وإظهار ضعف حزب الله وعجزه عن الرد وكسر والإطاحة بالمعادلات السابقة التي وضعها السيد الشهيد حسن نصرالله طيلة العقود الماضية.
*إبقاء لبنان (حكومة ورئيساً للجمهورية ورئيساً للمجلس النيابي) تحت الضغط حتى دفعه للرضوخ للإملاءات الأميركية المتمثلة بإطلاق مفاوضات مباشرة مع إسرائيل عبر لجان ثلاثية وفق ما أعلنت نائبة مبعوث البيت الأبيض الى المنطقة مورغان أورتاغوس، لا سيما بعد إعلان الرؤساء عون وبري وسلام أن التطبيع مع إسرائيل غير وارد، وتأكيد الرئيس عون أمس بأن لبنان يقبل بمفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل عبر وفود عسكرية – تقنية وليس دبلوماسية على غرار ما حصل في اتفاق ترسيم الحدود البحرية.
*رسالة الى الداخل الإسرائيلي في ظل الإنقسام السياسي والشعبي الحاصل، تظهر حجم قوة الردع الإسرائيلية مع لبنان ونجاح الحكومة في تغيير المعادلات مع حزب الله وبأن إسرائيل تمتلك اليد الطولى وزمام المبادرة بالوصول الى العمق اللبناني عندما تشاء، ما يصب في خدمة
*قد يكون الهدف المركزي للاستفزازات الإسرائيلية التي هي بمثابة إعلان حرب على لبنان، جر حزب الله الى الملعب الاسرائيلي أي الى الحرب التي تخدم مصالح نتانياهو والحكومة الإسرائيلية بالهروب الى الأمام من مآزقها الداخلية الى حرب واسعة مع لبنان بعد استئناف الحرب على غزة.
السؤال الأساسي كيف سيتصرف حزب الله؟
هل سيستمر بسياسة الصبر الاستراتيجي وإحتواء التصعيد الإسرائيلي ويترك للدولة ودبلوماسيتها المهمة؟ أم سيتخذ القرار بالرد للجم الاستباحة لبيئته لا سيما في الضاحية؟ لا سيما وأن بعض القوى السياسية الداخلية ستخرج لكي تستفز بقولها: “ما جدوى السلاح إذا لم يستخدم في ردع إسرائيل في هذا الوقت؟.
وماذا لو رد حزب الله بعمليات مفاجئة ومؤلمة ضد شمال فلسطين المحتلة؟ هل ستندلع الحرب الشاملة؟ وهل أنهى الحزب استعداداته وجهوزيته للحرب الموسعة؟ وماذا لو لم يرد الحزب هل ستكتفي إسرائيل بهذه الضربات أم ستستغل غياب أي قوة ردع ومواجهة وتستكمل بنك أهدافها؟ وماذا لو كرر الإسرائيلي “لعبة” إطلاق الصواريخ مراراً لتبرير العدوان؟ هل يريد تحويل لبنان الى ضفة شمالية؟ وإذا كان ما يحصل منذ ما بعد إعلان وقف إطلاق النار حتى الآن يعزز موقف حزب الله وخياراته المقاومة ضد الاعتداءات، فماذا ستفعل الدولة لتعزيز منطق خيارها الدبلوماسي؟…
بالمعلومات والتحليل الواضح حتى الآن أن إسرائيل ستكتفي بهذا المستوى من التصعيد ولن تتوسع الحرب، وأن حزب الله لن يرد في الوقت الراهن ولن ينجر الى الفخّ الإسرائيلي لكن لن يصمت لوقتٍ طويل بانتظار الظروف المناسبة، و”مش كل مرة بتسلم الجرة”.
ا