
بيروت-“القدس العربي” سعد الياس:
تحت شعار “صبرنا وصمدنا وانتصرنا” ستكون المختارة على موعد جماهيري اليوم الأحد في الذكرى ال 48 لاغتيال الزعيم الدرزي كمال جنبلاط، وهذه هي المرة الاولى التي يتم فيها إحياء هذه الذكرى بعد سقوط نظام بشار الأسد واعتقال اللواء ابراهيم حويجة المتورط في سلسلة اغتيالات بينها اغتيال جنبلاط على طريق دير دوريت في قلب منطقة الشوف.
اليوم سيحضر شعار كمال جنبلاط “إن الحياة إنتصار للأقوياء في نفوسهم لا للضعفاء”، وما في هذا الشعار من تمييز بين النفوس القوية المنتصرة دائماً للحق والعدل وبين النفوس الضعيفة التي تنتصر على الحق والعدل.
وفي ترجمة للنفوس القوية، يقول رئيس صحيفة “الانباء” الاسبق عزيز المتني “إن كمال جنبلاط كان يدرك أنه سيموت بعدما تلقى رسالة من العالم الروحاني الهندي شري أتمانندا أبلغه فيها أنه سيموت بسن ال 60 بتاريخ 16\3\1977″، ويضيف “أنا رأيته يوم الخميس في 10 آذار وقال لي حرفياً “إذا بقيت طيب ليوم الخميس الجايي منلتقى هون، أنا خايف من ها الكم يوم”.
وهكذا يكون “كمال بك” استقبل الموت بذراعين ممدوتين، لكنه بحسب أنصاره أدرك أن موته سيكون المسمار الأول في نعش أنظمة الظلام، وها هو اليوم ولو بعد 48 سنة ينتصر على الظلم في الوقت الذي تُهدَم فيه قبور الطغاة. فقد كان كمال جنبلاط يعلم أن حافظ الأسد أراد تذويب لبنان في السجن الكبير، ولم يستمع إلى الرئيس المصري أنور السادات الذي نصحه بالبقاء في مصر بعد معلومات عن مخطط لاغتياله بعد خصومته مع الأسد.
وكما كمال جنبلاط كذلك وليد جنبلاط رفض تذويب لبنان في السجن الكبير ورفض الانصياع للارادة السورية بعد عام 2000 واختار عقد مصالحة تاريخية مع البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير وعدم التمديد للرئيس إميل لحود رغم الرسالة الدموية التي وصلته عبر محاولة اغتيال النائب مروان حمادة والتي توّجت برسالة أفظع تمثلت بإغتيال الرئيس رفيق الحريري.
اليوم سيقف وليد جنبلاط مستكملاً وقفته الشهيرة في ساحة الشهداء يوم وصف بشار الأسد ب”طاغية دمشق” وخاطبه مع إميل لحود بالقول “يا بيروت بدنا التار من لحود ومن بشار”، مضيفاً في أقوى هجوم على رئيس النظام آنذاك “يا قرداً لم تعرفه الطبيعة، يا أفعى هربت منه الأفاعي، يا حوتاً لفظته البحار، يا وحشاً من وحوش البراري، يا مخلوقاً من أنصاف الرجال، يا منتجاً إسرائيلياً على أشلاء الجنوب وأبناء الجنوب”.
وبعدما إنتظر طويلاً على ضفة النهر، سيهتف وليد جنبلاط وأنصاره في الجبل ضد السجن الكبير الذي رفع أسواره الأسد الأب والابن، مشيداً بتحطيم الشعب السوري هذا السجن بعد سنوات على اندلاع الثورة في آذار 2011. وسيوجّه رسالة إلى الموحدين الدروز وخصوصاً في السويداء لعدم التفاعل مع محاولات التطبيع مع اسرائيل، مؤكداً على عروبة الدروز، ومعرباً عن توجسه من خطة اسرائيلية لإستخدام الدروز كوسيلة لاختراق النسيج السوري، سواء عبر تقديم مساعدات أو من خلال الإعلان عن الاستعداد لحمايتهم من السلطات الجديدة. وبدا أن المحاولات الاسرائيلية حققت خطوة متقدمة من خلال توجه رجال دين دروز من محافظة القنيطرة إلى إسرائيل في زيارة غير مسبوقة تلبية لدعوة وجهها الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز في إسرائيل الشيخ موفق طريف.
ولا شك أن ما يفعله جنبلاط على هذا الصعيد يعرّضه للخطر والتهديد، ولذلك جاءت رسالة رئيس مجلس النواب نبيه بري التي حيّت وليد جنبلاط “المؤتمن على الإرث، ودعوته “جماهير الحزب التقدمي الاشتراكي في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها المنطقة العربية، إلى البقاء أوفياء لتاريخهم وتأكيد موقفهم الراسخ بالحفاظ على الانتماء العربي والإسلامي والحرص على أن يكونوا جزءاً لا يتجزأ من الدولة إن في سوريا أو في لبنان والبقاء دوماً إلى جانب فلسطين وقضيتها العادلة وعدم الوقوع في فخ مخططات العدو، وهو ما شكّل ضمانته على الدوام دور وموقع وليد بك جنبلاط”.
في هذه الذكرى، سيؤكد الحزب التقدمي الاشتراكي عبوره الجسر إلى الشرق الجديد مع حامل الشعلة تيمور جنبلاط الذي أكد قبل ايام بعد الاعلان عن اعتقال الحويجة “أن عدالة التاريخ انتصرت على رصاص الغدر”.
أما الشريك المسيحي في الجبل فيواكب الاحتفال في المختارة ويتطلع إلى بناء مستقبل واعد في اطار عيش واحد مشترك بعيداً عن أي محاولة للعودة إلى الوراء إلى زمن الفتن والتي كان اغتيال كمال جنبلاط أحد فصولها لتصوير الاغتيال في ديردوريت أنه تم بيد مسيحية، ما أسفر عن ردة فعل غرائزية بحق مسيحيين أبرياء شجبها وليد جنبلاط وجاء على ذكر هؤلاء الضحايا في العديد من خطاباته، فيما نجله تيمور وضع اكليلاً من الزهر على نصب تذكاري للضحايا في الشوف، وأكد على المصالحة التاريخية وعلى كل ما يعزّز العيش المشترك.
بهذه الوحدة المسيحية الدرزية وبختم هذا الجرح يتحصّن الجبل ويقوى مشروع الدولة ويعجز أي فريق مهما إستقوى بالخارج أن يحاصر أياً كان وباالتالي تسقط كل محاولات الالغاء وينتصر الحق وتنتصر الحرية وترتاح روح كمال جنبلاط وأرواح الشهداء.