كلمة سامي الجميل حتى لا تكون يتيمة كبيضة الديك!!



بقلم نقيب المحررين جوزيف القصيفي


كانت لافتة كلمة رئيس حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميل في جلسة مناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس نواف سلام.وهي لم تخل من الجرأة والصراحة من رئيس حزب كان لا يتوانى عن توجيه السهام بصورة مكثفة في إتجاه الثنائي الشيعي وتحديدا حزب الله . وكان صائبا في تجاوزه البيان رغم ما تضمن من عناوين اساسية، إلى ما هو أعمق واكثر الحاحا: ماذا بعد كل الذي حصل، ما هو مستقبل الشراكة الوطنية ،وهل هذه الشراكة تفرض(بضم التاء) بدفتر شروط سياسية- إجتماعية وبمنطق الغالب والمغلوب، أو بتقديم موجبات التضامن الوطني على ما عداه. وعلى الرغم من محاولات الجميل الخروج من مربعه السابق عندما كانت “وجبته” السياسية ولازمته الدائمة التصويب على الثنائي الشيعي،فإن ترجمة ما قاله تتمثل بان يتقدم خطوة في اتجاه الثنائي، ولاسيما ” حزب الله” للاسهام في وضع الأسس لقاعدة التقاء تمهد للمؤتمر الوطني الذي أصبح واجب الوجود، لأن لبنان يمر بمرحلة مفصلية تحتم انعقاد مثل هذا المؤتمر . وهذا الطرح المتقدم من الجميل يتلاقى في أكثر من نقطة مع” التيار الوطني الحر” و” تيار المردة.” ولكن يبقى هناك عامل الثقة التي إهتزت بعد عدة محاولات حوارية ، جرت في السنوات السابقة بين الكتائب وحزب الله شارك الجميل في بعضها، وانتهت إلى الفشل بعدما آثر الاخير الابتعاد. وعلى الرغم من عدة مناوشات وصدامات ” كلامية” حادة في المجلس النيابي، وخارجه بلغت فيها الانفعالات حدودها القصوى، فإن علاقة الكتائب بحزب الله ظلت افضل نسبيا من علاقة الحزب بالقوات اللبنانية التي تطرح سقوفا عالية، ويدعو اعلامها المقاومة إلى الإقرار بهزيمتها، وإنهاء دورها المقاوم. واذا كان الجميل قد دعا حزب الله إلى التخلي عن سلاحه والتحاور في إطار مؤتمر وطني يحتضنه المجلس النيابي، فإن مقومات الحوار ومساره في حاجة إلى مزيد من البلورة والتحضير. ثمة حاشية ارجو ان يتسع لها صدر الجميل،وهي أن خطابه في المجلس النيابي تميز بقدر من الموضوعية والعقلانية التي لم يتلمسها اللبنانيون في مقارباته السابقة منذ تسلمه الحزب، وهو بما قدم أخيرا عبر منبر ساحة النجمة يحمل على الاعتقاد انه شرع يترسم خطى الاعتدال التي سار عليها جده في الدفاع عن وحدة لبنان والوحدة الوطنية،ووالده في تشبثه الدائم باولوية الحوار في الازمات الوطنية الكبرى، وكذلك من سبقه إلى رئاسة الحزب : جورج سعاده، منير الحاج وكريم بقرادوني الذين نالوا من انتقاداته الكثير، والتي بلغت في بعض الاحيان حدا من القساوة والشدة،ليس اقلها وصفه لهم بانهم وضعوا يدهم على الحزب. وهم بشهادة مواكبي حقبة رئاستهم للكتائب، قد ارسوا قواعد الانفتاح وسعوا إلى أوسع تضامن وطني ومسيحي لتدعيم أسس لبنان الكبير وحمايته من تقلبات السياسات الدولية والاقليمية عليه. على أن الجميل يترأس اليوم حزبا غادره العدد الأكبر من اركانه وكوادره وقواعده، ولم يتمكن من التصدي لهذه المعضلة، ولا استقطاب كتلة شبابية توازي تلك التي استقطبتها وتستقطبها القوات اللبنانية التي نجحت في جذب كتائبيين إلى صفوفها بعد الازمات التي مر فيها الحزب، وهي تمسك بقواعدها ، بتأن وحزم لا تعوزه المرونة. في اي حال،لا بد من الإقرار بأن كلمة سامي الجميل كانت من الكلمات التي استحوذت على إهتمام المراقبين والنخب السياسية، والسؤال : هل للكلمة ما سيليها من متابعة وتواصل من جانب الجميل، وهل ثمة استجابة من جانب حزب الله، أو أنها كلمة عابرة في مناسبة عابرة حاولت أن تخطف الاضواء تحت المجهر الاعلامي. وبصراحة أن فريقا واسعا من المتابعين توقفوا عند كلمة رئيس الكتائب بتمعن واهتمام. لكن التمني ألا تكون هذه الكلمة يتيمة ك”بيضة الديك”