أمين القصيفي
تسبَّبت موجة الصقيع والجليد التي أغدقها “آدم” على لبنان في الأيام الماضية، والمستمرة تردداتها لغاية الآن، بخسائر كبيرة أصابت خصوصاً المزارعين لكنها ستنعكس حُكماً على المستهلكين. لم يميّز “آدم” بين المزارعين في المناطق الساحلية والوسطى والجبلية، بعدما وصلت “خيراته” إلى السواحل وكادت تلامس الشواطئ. لكن بطبيعة الحال أفاض “آدم” من كرمه الصقيعي الجليدي على المناطق الجبلية والوسطى أكثر من الساحلية.
موجة الصقيع التي حملها “آدم” إلى لبنان، أدّت إلى تلف الكثير من المزروعات، خصوصاً الخضروات التي تعتبر هشة أكثر من غيرها، بالإضافة إلى الأضرار الجسيمة التي لحقت بأشجار الفاكهة والتي كانت في مرحلة الإزهار، وهذا ما أثار المخاوف لدى المواطنين والمستهلكين من أن تؤدي موجة آدم” الصقيعية إلى ارتفاع الأسعار وتحديداً الخضروات في المدى القريب والمتوسط، خصوصاً مع بداية شهر رمضان السبت المقبل، ولاحقاً خلال الصيف موعد نضوج الأشجار المثمرة، بعدما تجلّدت أزهارها في مناطق كثيرة واحترقت بصقيع “آدم” وباتت ثمارها الصيفية أحلاماً شبه مستحيلة.
رئيس “تجمع المزارعين والفلاحين” ابراهيم الترشيشي، يوضح أن “علينا التمييز بين الشتاء والأمطار الغزيرة وبين البرد والصقيع والجليد، فما شهدناه في الأيام الماضية من عاصفة “آدم” ليس مجرد شتاء أو أمطار مفيدة للمزروعات، بل جليد وصقيع ورياح شمالية قارسة مؤذية للمزارعين والمزروعات، بعكس المطر”.
الترشيشي يشير، عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، إلى أن “المطر مفيد للمزارعين والمزروعات، وتستفيد منه الأرض إذ يغسلها من الآفات والحشرات الضارة للمزروعات والأسمدة الكيميائية الفائضة عن المعدلات المطلوبة، كما يرفع المطر مخزون الآبار الارتوازية التي يتكّل عليها المزارعون لريّ مزروعاتهم في الصيف”، لافتاً إلى أن “الظاهرة التي نشهدها في أحوال الطقس، هي من تبعات التقلبات المناخية التي تحصل على مستوى العالم”.
يضيف: “للأسف أنه قبل عاصفة “آدم” والصقيع والجليد اللذين حملتهما، كانت هناك درجات حرارة مرتفعة الشهر الماضي، أدّت إلى تسريع عملية نمو النباتات والخضروات وتفتُّح أزهار الأشجار المثمرة في غير توقيتها المفترض، ومن ثم أتت بعدها مباشرة درجات حرارة متدنية جداً وصقيع وجليد مع عاصفة “آدم”، وبالتأكيد هذا الأمر مؤذٍ جداً لمختلف المنتوجات الزراعية وأدّى إلى ضرر جسيم وكارثة حلَّت على المزارعين على هذا الصعيد”.
الترشيشي يلفت، إلى أن “أكثر الأضرار بسبب صقيع “آدم” لحقت بمحاصيل البطاطا في عكار. أما في البقاع، فالبنسبة للقمح والأشجار المثمرة، مفاعيل “آدم” ستؤثر وترتد بشكل سلبي جداً على كل الأشجار المثمرة”، مشيراً إلى أننا “لم نتمكن بعد من تحديد وإحصاء الأضرار على الأشجار المثمرة على المدى الطويل، فبعض الأشجار قد تُنتج أزهاراً قليلة، وحتى لو عقدت، فهذا يعني أن المحصول سيكون قليلاً، أي خسائر للمزارعين ومحصولاً لا يعوّض حتى التكاليف، فيما بعض الأشجار المثمرة إمّا سيصيبه اليباس أو تموت براعم الأشجار ولا تحمل أي ثمار”.
أما بالنسبة لأسعار الخضار والفاكهة، فيرى الترشيشي أنه “بالتأكيد ما حصل سيؤدي إلى رفع الأسعار في السوق، لأن الصقيع والجليد يؤديان إلى تلف الكثير من المزروعات. فمزروعات البيوت البلاستيكية إمّا تخرب كلياً أو لا تعود النباتات تنمو بشكل سليم، ولذلك لا تُنتج محصولاً وفيراً ويقل الإنتاج وبالتالي يقل العرض في السوق، وحين ينخفض العرض بالتأكيد سنشهد ارتفاعاً في الأسعار، فكم بالحري إذا كنا على مشارف شهر رمضان المبارك ابتداء من نهار السبت المقبل؟، من البديهي في هذه الحالة أننا سنشهد ارتفاعاً في الأسعار، نتيجة عدم وجود عرض وكميات كافية من الخضار في السوق لتغطية الطلب المرتفع عادةً في شهر رمضان”.



