الكابتن العائد إلى الوطن ليقاوم على طريقته
إميل رستم: نادي الحكمة في أيدٍ أمينة
ولم يفارق روحي يومًا
لدي كما الكثيرين ملاحظات على الإتحاد
والتغيير على المستوى الوطني سينعكس حتمًا على الرياضة
لم أقتنع يومًا بالمدربين الأجانب وأنا مع المدرب الوطني
جورج سعد
إنه الكابتن إميل رستم، العائد من الولايات المتحدة إلى لبنان ليقاوم على طريقته.
ألقاب كثيرة حملها عن استحقاق في مسيرته الرياضة مع كرة القدم، مذ كان طفلًا في المدرسة التي ربي، وربّى أجيالًا كثيرة فيها، زارعًا فيهم الـعشق لها ولناديها الذي أسّسه أهل الحكمة من تلامذة وأساتذة وكهنة، الحكمة التي ما أحب في الدنيا شيئًا سواها، كما كتب يومًا مربّي أجيالها، أستاذنا، المعلم حسيب عبد الساتر.
ألقاب كثيرة حملها عن استحقاق مذ كان تلميذًا لفرانسوا ناكوزي وهوبير أورفليان (أستاذا الرياضة في الحكمة).
هو اللاعب اليافع الموهوب.. وصخرة دفاع الفريق مذ كان لاعبًا ناشئًا، ومن ثم لاعبًا أساسيًا ثم قائدًا للفريق الأول فمديرًا فنيًّاً..ما لعب إلّا للحكمة، وما عاش إلَّا فيها مع رفاق درب، لاعبين كانوا أم مشجعين..و”الكابتن” هو اللقب الأحب إلى كل عارفيه، رغم أنه استحق لقب الـ” كوتش”.
لم أخطىء عندما قلت إنه لم يلعب إلَّا في الحكمة.. طبعًا، كانت له صولات وجولات مع المنتخب الوطني، لاعبًا وقائدًا ومدربًا، بل عرف أندية أخرى كمدرب.. أندية كبيرة وعريقة، تميز معها، فقاد النجمة لإحراز لقب الدوري اللبناني وكأس السوبر عام ٢٠٠٩، ثم قاد نادي الصفاء وأحرز معه لقب الدوري عام ٢٠١٦ ليكون المدرب اللبناني الوحيد الذي يحرز لقب بطولة الدوري مع ناديين مختلفين.
لكن روح الحكمة وتعاليمها لم تفارق إميل رستم يومًا.. فعاد عام ٢٠١٩ إلى النادي الأحب إلى قلبه ملبّيًا نداء رئيس النادي، حينها، صديقه، إيلي يحشوشي، فكان له المستشار في شؤون كرة القدم وشجونها وهمومها، خصوصًا أنها لم تعد اللعبة الشعبية الأولى في لبنان، بعد سيطرة الكرة البرتقالية عليها، بالمجد والألقاب. فقاد السفينة الحكماوية إلى بر الأمان عام ٢٠٢٠، وعاد بفريق كرة القدم إلى موقعه الطبيعي في الدرجة الأولى بعد طول غياب.
من هنا كان قرار رجوعه خلال شهر تشرين الأول الماضي إلى لبنان، متحدّيًا إغراءات البقاء فيها، الماديّة والمعنوية وراحة البال والإطمئنان من خلال إشرافه على أكاديمية كروية، في بلد يقود العالم ولا أحد يقوده.
قلت له: كابتن.. لماذا اتخذت قرارًا كهذا ونحن نعيش في زمن الغارات والتحذيرات والتفجيرات والتدمير والقتل؟
قال: لن أكون مرتاح البال وأنا أعيش في دولة تنعم بالسلام وأهلي ورفاقي ووطني يعيشون تحت القصف وفي ظل القتل والإجرام.. ولن أكون مطمئنًا إن لم أقاوم، وكل على طريقته، من أجل لبنان وأجياله..من هنا كانت عودتي الى بلدي لأكون إلى جانب الصامدين فيه .
وعن الأكاديمية التي أسسها منذ ٢٠١٣ قال: أسست أكاديمية لتكون في خدمة الرياضة عمومًا ولاسيما الكرة اللبنانية، ولتكون أولًا وأخيرًا الخزان الذي يرفد نادي الحكمة بخيرة لاعبيه. وهو الهدف الذي لطالما سعيت وراءه، وعملت على تحقيقه طوال مسيرتي فيه، لأنني كنت على يقين وما زلت، أن ناديًا يحمل اسم 7 مدارس ومعاهد وجامعة لا يمكن أن يموت ولن يموت، بغض النظر عمن يكون مسؤولًا عن تلك المدارس والمعاهد، وحتى لو لم تكن الرياضة من أولويات خدمته ومسؤولياته. الأكاديمية اليوم في عهدة إبني بول، الذي عرفته ملاعب الكرة لاعبًا بارزًا في صفوف الحكمة والأنصار والنجمة والراسينغ والمنتخبات الوطنية قبل انتقاله إلى التدريب، وهو يشرف اليوم بنجاح على إدارتها يعاونه فيها مدربون نشأوا معه في نادي الحكمة، وهي تضم أكثر من 500 تلميذ ينتظر العديد منهم مستقبل واعد جدًّاً
وعن فريق الحكمة لكرة القدم قال: سفري إلى الولايات المتحدة جعلني أبتعد عنه جسديًّا، أما روحيًّا وفكريًّا فلم ولن يفارقني يومًا، رغم كل التحديات التي أصبحت ورائي، لأن نادي الحكمة دائمًا أمامي…وهو اليوم بخير وينتظر كما بقية الأندية عودة النشاط إلى الملاعب. ووجود بول على رأس الجهاز الفني للفريق الأول يزيدني اطمئنانًا إلى أنه في يد أمينة ولا خوف عليه.
من هنا كانت عودتي إلى وطني متابعًا مهمة نذرت لها حياتي، وما توقفت يومًا عن صقل قدراتي لنهضة الرياضة فيه وتحديدًا كرة القدم، التي كانت وستبقى اللعبة الشعبية الاولى لي وللكثيرين في لبنان والعالم.
وعن المسؤولية التي يتولاها في النادي حاليًّا قال: منذ حوالي السنة، لا صفة رسمية لي في النادي. وقد عدت إلى لبنان بعد غياب فرضته علي ظروفي العائلية. وكنت كل مرة أزوره أواظب على حضور التدريبات والمباريات كافة. وحاليًّا أنتظر كما الجميع عودة النشاط إلى الملاعب كي أتمكن من متابعة الفريق عن كثب عبر حضوري الدائم إلى جانب جهازنا الفني الكفوء الذي يؤدي مهامه على أكمل وجه.
بالنسبة إلى وضع النادي فهو في أيد أمينة بقيادة راعيه النائب الأستاذ جهاد بقرادوني وفريق عمله برئاسة المحامي راغب حداد وقد بدأ الموسم الجديد فحدد ميزانية خاصة لكرة القدم. وبناء عليها وضع المدير الفني خطته للموسم الجديد. وكانت البداية ممتازة، حيث فاز الفريق الأول بأولى مبارياته قبل أن يتوقف النشاط الكروي بسبب الأحداث المؤلمة التي عصفت بلبنان. والجميع اليوم بانتظار قرار من الاتحاد لاستئناف ما بدأوا به، رغم الظروف الصعبة.
وعن نظرته إلى واقع كرة القدم اللبنانية في هذه الظروف قال: الكرة اللبنانية ليست بخير أبدًا، ولم تكن تنقصها الأحداث التي عرفها وطننا منذ أيلول الفائت. أما بالنسبة إلى الاتحاد فلدي الكثير من الملاحظات عليه، والأمل الوحيد هو التغيير. لذا علينا أن نراقب الوضع العام في البلد، فإذا حدث التغيير المنشود على المستوى السياسي، عندها ينسحب التغيير على كل القطاعات في الدولة، ويكون لكرة القدم نصيبها منه، وإلا يكون علينا انتظار أعجوبة ما، لن تأتي إلا من السماء.
أما بالنسبة إلى المدربين الأجانب الوافدين إلينا، فقال إنه لم يقتنع يومًا بفائدتهم، إذ لا يأتي إلى لبنان سوى من لم يجد له ناد يتعاقد معه في موطنه أو في أي بلد اخر، مؤكدًا أنه يفضل المدرب الوطني ويتمنى أن نصل يومًا إلى اعتماد مدربينا الذين باستطاعتهم إعطاء الكثير شرط معاملتهم من قبل المسؤولين، تمامًا مثل المدربين الأجانب، أي بتأمين كل متطلباتهم لوجستيًا وفنيًا وماديًا وبعد ذلك تتم محاسبتهم.
وحتى الآن درجت العادة في لبنان ان يُعطى المدرب الوطني دراجة هوائية ويُطلب منه التسابق مع سيارة، وذلك طبعًا، يُصعب يشكل مهمة شبه مستحيلة.
وكذالك الحال بالنسبة للاعبين والحكام.
هناك عمل كبير يجب القيام به لإيجاد التمويل اللازم للارتقاء بكرة القدم اللبنانية نحو الأعلى. وذالك يتطلب اولاً تواضعاً وإقراراً بواقع اللعبة، ومن ثم تخطيطاً على المدى المتوسط والبعيد، وصبراً وتمويلاً للتنفيذ.





مجلة “الأمن”




