حبيب شلوق
في أواخر شباط 2001 بدأ كلام عن زيارة البابا القديس يوحنا بولس الثاني لسوريا إنطلاقاً من شعار إقتفاء أثر القديس بولس، وتتخللها زيارة مجاملة للجامع الأموي . ونظراً إلى الصداقة التي تربط البطريرك صفير بالبابا ودور البطريرك الماروني آنذاك في التـأثير ضمن مجمع الكرادلة في الفاتيكان، ولأن في لبنان عنجر و”المفوض السامي” غازي كنعان الذي قتله نظامه، وبعده المجرم الآخر رستم غزالي، بدأت تكهنات واجتهادات بأن البطريرك صفير سيوافي البابا إلى سوريا . ومما زاد في التكهنات صدور جريدة “السفير” قبل 4 أيام من موعد الزيارة البابوية المقرّرة في 5 و6 أيار (وعلى الأرجح في1 أو 2 أيار) وعلى صفحتها الأولى مانشيت على ثمانية أعمدة عنوانها :”صفير في سوريا (يوم… ) أي يوم زيارة البابا لسوريا”.
صراحة بدت المانشيت تحدياً ، وخصوصاً لبعض “السياديين” ومنهم البطريرك صفير وغسان تويني وجبران وأنا شخصياً وسياديون كثر آخرون، كذلك بدا أن مَن وراءها حاكم عنجر وأعوانه ، وهم طبعاً بعيدون كثيراً عن أورشليم ولا يفقهون أن مدرسة البطريرك “غير مدرسة” ومنطقه غير منطق ومبادئه غير مبادئ.
ويذكر أن البابا كان زار اسرائيل عام 2000 وجال في ياد فاشيم حيث النصب التذكاري للمجزرة التي حصلت ضد اليهـــود ، وحائط المبـــكى، ولم يوافه البطريرك صفير إلى القدس لأنه يدرك ما يفعل ،علماً أن ثمة أبرشية مارونية في الأراضي المقدسة كان يلتقيها صفير سنة بعد سنة في الأردن حيث يوافيه أبناؤها.
ومع وصول جريدة “السفير” التي كانت المنافسة الشرسة لـ “النهار”والمدعومة من كل دول “الممانعة” ، إلى الأستاذ غسان في السابعة صباحاً، كانت ردة فعله سريعة إذ اتصل بي في أقل من نصف دقيقة، وقرأ المانشيت: “شو هيدي يا حبيب؟!” وفكّرت قليلاً لأنه فاجأني، وأجبت :”لا أظن”، فرد “ما بفهم… بدي مانشيت ينفي ذلك”.
وبعد نصف ساعة اتصل مجدداً وقال لي “بدنا مانشيت ينسف مانشيت “السفير” . ورحــت أدرس الموضوع جيــداً واتصلت بـ”المعلم” لتهدئته وقلــت له:” أستاذ هيدا البطرك من عائلة كتلوية عتيقة لا يبيع ولا يشتري، وأنا طالع على بكركي”.
وبين الساعة 8 والساعة 9 كانت بيني وبين الأستاذ اتصالات عدة.فالإستاذ غسان يلاحق الخبر حتى الرمق الأخير، ولا مساومة.
ومرت الساعات وكنت أطمئن الأستاذ غسان عن إقتناع ومن دون تأكيدات، أن لا زيارة، حتى موعد الغداء البطريركي الساعة 12 خرجت بعده مع البطريرك للمشي ولما قــــــال لي البطــــريرك:” شو الوضع …شوصاير؟” قلت:” هل أنت ذاهب إلى سوريا للقاء البابا كما قالت جريدة السفير؟”فرد :”هيك قالت؟”، فأطلعته على صورة المانشيت التي أرسلها الأستاذ غسان… فصمت لمدة خمس دقائق وسألني مبتسماً: “أنت شو بتقول؟ أنا بروح؟” وكان شاهداً على الحديث أمين سر البطر يركية المونسنيور يوسف طوق.
وسأل مجدداً أنت بتقول أنني سأذهب إلى سوريا؟
وأضاف مع ابتسامة معبّرة: “أنت شو بتعمل بتروح؟”ّ
ورديت بلال تردد:”أكيد لا”.
فقال لي :”انا كمان… خبّر ما رح روح عا سوريا”.
وفي اليوم التالي كانت مانشيت “النهار” :”صفير لن يذهب إلى سوريا”. وحطّمت “النهار” كل الأرقام القياسية قراءة وتوزيعاً. واتصل بي “المعلم”: “والله منـّــك هيّن يا حبيب… إلك Bonus” .
أما البطريرك صفير فقال لي بعد قراءته عنوان “النهار” التي كنت عملت على وصولها يومياً مع “الأوريان لوجور”إلى بكركي بسعي مع الأستاذ سامي تويني، منذ انتخابه عام 1986:”منهنيكن”.
ولاحقا” زار البابا القديس زار لبنان في 10 و11 أيارعام 1997 وكتبتُ يومها في “النهار” : “أطول خلوة بين البابا والبطريرك في الـPapa Mobile ، “راس براس” من المطار إلى بكركي ومنها إلى القصر الجمهوري جيئة وذهاباً.
ويذكر أن البابا القديس زار الأردن والمغطس حيث تعمّد يسوع المسيح على يد يوحنا ، في 15 أيار لمناسبة مرور 2000عام على ولادة المسيح، واستقبله عاهل الأردن الملك عبدالله بن الحسين ووافاه البطريرك صفيرإلى عمان، وكنت معه.
يبقى أن أهم لقاء للبابا كان في مانيلا عاصمة الفيليبين حيث ترأس لقاء الشباب وحضره خمسة ملايين شاب وشابة، أما أسفاره فشملت 29 بلداً قطع خلالها 1.100.000 كيلومتر.



