إرتدادات سقوط نظام الأسد.. نهاية العمق الإستراتيجي لـ”الحزب”

ارتدادات سقوط نظام الأسد.. نهاية العمق الاستراتيجي لـ”الحزب”

أمين القصيفي

لعلّ سقوط نظام الأسد هو التحول الاستراتيجي الأكبر والأعمق في منطقة الشرق الأوسط منذ عقود. وعلى الرغم من أن “موقعة” سقوط نظام الأسد لا تزال تقاس بالساعات والأيام الأولى لها، لكن هذا الزلزال الكبير الذي أنهى نحو 54 عاماً من حكم نظام الأسد الدكتاتوري الذي طبع، ليس سوريا فقط، بالقمع والاضطهاد والسجون وأقبية التعذيب التي ربما لم يشهد العالم مثيلاً لها، وطاولت “مآثره” سائر شعوب المنطقة وخصوصاً لبنان، بل وصلت إلى العالم الأوسع، هذا الزلزال سيُرخي بظلاله من دون شك على سوريا أولاً بطبيعة الحال لكن أيضاً ستطاول ارتداداته وتردداته منطقة الشرق الأوسط بأسرها ومن ضمنها لبنان طبعاً، مغيّراً المعادلات لسنوات طويلة مقبلة.

الكاتب والمحلل السياسي علي حمادة، يرى أنه في “قراءة أولى، وهناك مجال بالطبع لعدة قراءات في ما بعد لنتائج سقوط نظام الأسد، والحديث ليس عن نظام بشار الأسد بالتحديد بل نظام الأسد ككل، أي نظام الأسد الأب حافظ والابن بشار وكل العائلة، هو بحدِّ ذاته سقوط مدوٍّ، يمثّل نقلة تاريخية في المنطقة وفي سوريا، وله تبعات ونتائج على الداخل السوري طبعاً، لكن أيضاً على الجوار العربي والإقليمي”.

يضيف حمادة، عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني: “علينا أن نتذكّر بأن سوريا تقع عملياً في محور منطقة المشرق العربي، بالتالي عندما سقطت سوريا تحت النفوذ الإيراني سقطت المنطقة كلها تحت هذا النفوذ. والحقيقة أن النفوذ الإيراني لا يعود إلى مرحلة ما بعد سقوط صدام حسين في العراق، إنما هذا النفوذ والتحالف ما بين حافظ الأسد والإيرانيين كان بدأ منذ العام 1979 غداة الثورة الإسلامية في إيران”.

يتابع: “هذا التحالف كان موجَّهاً ضد العراق في الأساس، ثم سقط العراق بعد الاجتياح الأميركي ودخل الإيرانيون واستولوا على العراق، بعدما كانوا موجودين أساساً في سوريا ولبنان عبر “الحزب”، علماً أن “الحزب” كان لا يزال منضبطاً إلى حدٍّ كبير تحت قبضة النظام السوري، وخصوصاً قبل وفاة حافظ الأسد الذي كان لديه من القدرة على ضبط التمدد الإيراني، لكن عاد وتبدّل كل شيء بعد العام 2000 عندما توفِّي الأسد الأب وحلَّ مكانه الأسد الابن فاستسلم بالكامل للمعادلة الإيرانية”.

حول النتائج الأساسية لسقوط نظام الأسد، يشير حمادة إلى أنه “على مستوى الداخل السوري أولاً، سوف يعاد رسم الخريطة السياسية والداخلية لسوريا، وطبعاً لم يعد بالإمكان أن يكون هناك دولة مركزية بالمعنى الدكتاتوري، أي حصر السلطة بشخص واحد أو بجهة واحدة أو بحزب واحد أو حتى بعائلة واحدة. ما من شك أنه سوف يكون هناك سلطة مركّبة في دمشق، إضافة إلى صيغة لامركزية موسَّعة فعلاً تراعي الخصوصيات الإثنية وربما الطائفية في الداخل السوري. هذا لا يعني أن هناك تقسيماً، إنما ما من شك أن هناك مراعاة لخصوصيات التنوع في سوريا.

ثانياً، سوريا سوف تأخذ اتجاهاً مختلفاً عمّا سبق، أي انتهت وحدة الساحات وانتهى النفوذ الإيراني المباشر، سيبقى هناك نفوذ إيراني لكن سيكون محاصَراً. كما انتهى أيضاً تعبير سوريا رأس المقاومة أو سوريا قلب العروبة النابض، سوريا بهذا المعنى سوف تتغيّر”.

“أما تأثير سقوط نظام الأسد على الخارج فسوف يبدأ في العراق”، بحسب حمادة، “لأن العراق واقع تحت النفوذ الإيراني، وبالتالي سيكون هناك ارتدادات في الداخل العراقي كبيرة جداً، وربما لاحقاً في الداخل الإيراني، بسبب الأزمة الاقتصادية والضغوط الاقتصادية المرتقبة على إيران من قبل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المقبلة”.

أما في ما يتعلق بلبنان، فبرأي حمادة أن “هناك تقاطعاً ما بين الضربة القاسمة التي تلقّاها “الحزب” على يد الإسرائيليين مع انهيار الساحة السورية والممر الإيراني عبر سوريا. بمعنى أن العمق الاستراتيجي لـ”الحزب” في سوريا انتهى مع سقوط النظام، إضافة إلى الضربات القاسمة التي تلقّاها “الحزب” في حربه الأخيرة مع إسرائيل وقبوله بالقرار 1701، وقبوله بمندرجاته كافة ضمن النصّ المفصَّل في اتفاقية وقف إطلاق النار، وفي تفاصيلها أنه لن يعود هناك سلاح، لا جنوب الليطاني ولا شمال الليطاني، خارج سلاح الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة والجمارك والشرطة البلدية، حصراً”.

بالتالي، “المجتمع الدولي والمجتمع العربي إضافة إلى الأكثرية اللبنانية، ينتظرون من “الحزب” خطوات عملية في هذا الاتجاه. أما عندما يقول “الحزب” إنه يريد استراتيجية دفاع من أجل إنقاذ سلاحه، فهذا الأمر يبدو بعيداً ولم يعد مطروحاً على الطاولة، كما كان في الاجتماعات السابقة في عهد الرئيس الأسبق ميشال سليمان، هو من زمن مضى، المطروح الآن هو سحب هذا السلاح. كما لم يعد مطروحاً أيضاً استيعاب “الحزب” ضمن الجيش كلواء إقليمي. لم يعد مطروحاً إلا سحب السلاح وتحوُّل “الحزب” من حزب أمنيّ عسكريّ إلى حزب سياسيّ اجتماعيّ، أسوة ببقية الأحزاب والقوى السياسية اللبنانية”، يختم حمادة.

موقع القوات اللبنانية