أمين القصيفي
يتنقَّل الشيخ نعيم قاسم بين ضفاف الإنكار والتذاكي والمناورات والتمنِّي. يقفز من ضفة إلى ضفة، علَّ وعسى يجد على إحداها ضالته المنشودة بما يُطمئن نفسه المضطربة ويُسعفه على التنصلّ من القدر المحتوم، نهاية السلاح وبسط سلطة الدولة اللبنانية وحدها وحصراً على كامل أراضيها. وحدها ضفة الواقع، والحقيقة الموجعة بالنسبة إليه، لا يجد الشيخ نعيم إليها سبيلاً. أو ربما، هو يدرك جيداً الطريق إلى الواقع كما هو فعلاً، لكن لعلّها تقضّ مضجعه فيحاول عبثاً التعامي عن تلك الطريق التي ليس فيها جنوب الليطاني وشمال الليطاني، بل فيها الدولة اللبنانية التي تحتكر وحدها السلاح، بموجب الدستور اللبناني واتفاق الطائف واتفاق وقف إطلاق النار وسائر القرارات الدولية السابقة، على كامل أراضيها.
النائب وضاح الصادق يلفت، إلى أن “الانطباع الذي يتكوّن لدى كثيرين هو أن الشيخ نعيم قاسم يظهر وكأنه يعيش في بلد آخر، ولديه إمكانية محدودة جداً للربط والتواصل والاطلاع على الوقائع والحقائق كما هي فعلاً. يبدو الشيخ نعيم بالفعل بعيداً عن الواقع، في حين يبدو أن بعض نواب “الحزب” أقرب إلى الواقع”.
الصادق يذكّر عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، “بالكلام الذي قاله الموفد الرئاسي الأميركي السابق آموس هوكشتاين، عرّاب اتفاق وقف إطلاق النار، من بيروت بالذات، حين سئل عن الاتفاق والسلاح جنوب وشمال الليطاني، فكان جوابه بأنه هو من صنع الاتفاق وأنتم وقَّعتم عليه، هذه بدعة ولا يوجد شيء اسمه شمال وجنوب الليطاني بل كل لبنان، بالتالي لا سلاح خارج الدولة في كل لبنان، هذا هو الاتفاق الذي وقّعوا عليه”.
الصادق يؤكد، أن “اتفاق وقف إطلاق النار واضح ولا لبس فيه بأي شكل لناحية عدم وجود أي سلاح غير شرعي أو منشآت أو بنى عسكرية غير شرعية في لبنان، والبند الوارد في متن اتفاق وقف إطلاق النار يقول حرفياً “ابتداء من جنوب الليطاني”، فكيف يمكن لأي شخص، مهما كان ذكاؤه متدنياً، أن يقرأ هذه الجملة ومن ثم يتذاكى أو لا يفهم أنه بعد ابتداءً هناك مروراً وصولاً إلى انتهاءً؟!”.
أضف إلى ذلك، يتابع الصادق: “اتفاقية وقف إطلاق النار شددت بوضوح تام، على “التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، مع الإقرار بأن القرار 1701 يدعو أيضاً إلى التنفيذ الكامل للقرارات السابقة لمجلس الأمن، بما في ذلك “نزع سلاح جميع الجماعات المسلحة في لبنان”، بحيث تكون القوات الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح في لبنان هي القوات المسلحة اللبنانية أي الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي والمديرية العامة للأمن العام والمديرية العامة لأمن الدولة والجمارك اللبنانية والشرطة البلدية”، هذا هو الاتفاق الممهور بتوقيعهم”.
الصادق يعتبر، أن “اللعب على الكلام بات سخيفاً ولا أحد “يقبضه” على محمل الجد، لا قائله ولا من يسمعه. لنكن واضحين في هذا الموضوع، وأساساً أصبح هناك واقع عملي لدى كل الجهات التي تحمل السلاح، سواء “الحزب” أو غيره، لا يمكن تخطيه، أكانوا مقتنعين أم لم يكونوا، هناك اليوم قرار كبير بشأن كل السلاح غير الشرعي في لبنان، وسيُطبَّق. بالتالي كل المناورات لن تنفع، فضلاً عن أن هناك حصاراً اليوم على كل خطوط الإمداد العسكري والمالي، فكيف ستستمر هذه الذراع العسكرية؟”.
الصادق يستغرب، كيف أن “الشيخ نعيم يطالب الحكومة ويسألها عن موقفها من الاعتداءات الإسرائيلية، وهي حكومة بالكاد بدأت أعمالها وحصلت على ثقة مجلس النواب منذ نحو أسبوعين!، فيما هو وحزبه ومحوره أتى بكل الحكومات منذ العام 2011 إلى الحكومة ما قبل الحالية، هم أخذوا القرار بالحرب من دون مجلس نيابي ومن دون حكومة ومن دون دولة بكاملها، ويأتي اليوم ليسائل حكومة بدأت عملها منذ نحو أسبوعين؟!”.
يضيف: “يتحدث الشيخ نعيم قاسم عن إعادة الإعمار ويسأل هذه الحكومة بعمر أسبوعين عن الإعمار!، ألم يقولوا سنعيد إعادة إعمار القرى المدمّرة أجمل ممّا كانت؟، أما اليوم، فتعالَيْ يا حكومة ويا دولة عَمِّري ما تدمَّر بحروبنا”، معتبراً أنه من الواضح أن هناك “حالة إرباك كبيرة لدى الشيخ نعيم و”الحزب” أمام بيئتهم، هم يحاولون رمي المسؤولية على الحكومة، لكن الجميع يدرك، باستثناء ربما قلّة قليلة مؤدلجة، أين تكمن المشكلة وكيف بدأت ولماذا وصلنا إلى هنا”.
الصادق يشدد على أن “ما نقوله، ليس هناك أمام الجميع سوى الدولة التي يمكنها أن تحمينا وتحسّن الحياة اليومية للمواطنين والتي باتت مأساوية، وعلينا أن نعمل جميعنا لنبني مؤسسات الدولة معاً، عليهم أن يقتنعوا بأن لا حلّ سوى بشبك أيادينا والعمل معاً. كلما أسرعوا بالوصول إلى هذه القناعة، كلما بدأنا بمرحلة النهوض والخروج من الأزمة التي نتخبط بها بوقت أسرع”.