أنطوان الشويري… صانع المجد الذي لن يتكرر

في ذكرى رحيل أنطوان الشويري، وجّه رئيس نادي الرياضي سابقاً هشام الجارودي ي رسالة من القلب لرمز كرة السلة اللبنانية..

أنطوان الشويري… صانع المجد الذي لن يتكرر

تمرّ الأيام وتمضي السنوات، لكن ذكراك تبقى حيّة في قلوبنا. أنطوان الشويري… اسمٌ محفور في ذاكرة الرياضة اللبنانية، ورمزٌ صنع مجداً سيبقى خالدًا في تاريخ كرة السلة. اليوم، في ذكرى رحيلك، نستعيد تلك المسيرة الاستثنائية التي غيّرت وجه الرياضة في لبنان، ورفعت اسم الوطن في المحافل الإقليمية والدولية.

في حياة الشعوب، هناك رجال يتركون أثراً عابراً، ورجال يتركون إرثاً خالداً لا يمحوه الزمن. أنطوان الشويري كان من الفئة الثانية، رجل تجاوز حدود الرياضة ليصبح رمزاً وطنياً، وصانعاً لمجد ستتذكره الأجيال لعقود طويلة.

أنطوان الشويري لم يكن مجرد رئيس نادٍ أو داعماً لكرة السلة اللبنانية؛ كان حالة فريدة في الرياضة اللبنانية. عرف كيف يحوّل كرة السلة من لعبة تنافسية إلى منصة لرفع اسم لبنان في المحافل الدولية. جعل من نادي الحكمة قلعة رياضية يُحسب لها ألف حساب، ليس فقط في لبنان، بل على مستوى العالم العربي وآسيا.

تنافسنا طويلاً على أرض الملاعب. كانت مواجهات الحكمة والرياضي أشبه بمعارك رياضية تُحبس لها الأنفاس، لكنها بقيت دائماً في إطار الاحترام والروح الرياضية. كنا غريمين على أرض الملعب، لكننا كنا نعرف جميعاً أن أنطوان الشويري هو ركن أساسي في ازدهار كرة السلة اللبنانية. لقد رفع مستوى المنافسة، وبنى إرثاً من التحدي والانتصار.

ما فعله أنطوان لكرة السلة يتجاوز الألقاب والكؤوس. لقد خلق نموذجاً في الإدارة الرياضية، وجعل من الرياضة وسيلة لتوحيد اللبنانيين في زمن الانقسام. لم تكن الحكمة مجرد نادٍ في عهده، بل كانت مؤسسة وطنية تجمع اللبنانيين تحت راية النجاح.

على المستوى الشخصي، لم يكن أنطوان مجرد منافس أو غريماً في عالم الرياضة؛ لقد كان صديقاً وإن اختلفت بنا الطرق. تنافسنا بشراسة على أرض الملعب، لكنني وجدت فيه رجلاً نبيلاً، صادقاً في محبته للعبة، وفي عشقه للبنان. خلف كواليس المنافسة، كانت بيننا لقاءات وحوارات لم تخلُ من الاحترام والتقدير المتبادل. كنا نختلف على أسلوب اللعب، على تكتيكات الفريق، وعلى مصير الألقاب، لكننا كنا نلتقي دائماً على حب لبنان، وعلى إيماننا بأن نجاح أي نادٍ لبناني هو نجاح للرياضة اللبنانية.

أذكر جيداً تلك الجلسات الطويلة بعد المباريات الكبرى، حين كنا نتحدث عن مستقبل اللعبة، وعن كيفية تطويرها. كان أنطوان يرى الرياضة بعين القائد، صاحب الرؤية، والإرادة. كان يختلف معي في الرأي، لكنه كان يحترم الخلاف، وكان يعرف كيف يُصغي. لقد كان رجلاً كبيراً في الانتصار، وكبيراً في الهزيمة. تعلمت منه الكثير عن الصبر، وعن بناء المجد بخطوات ثابتة.

اليوم، نفتقدك ليس فقط في الرياضة، بل في الحياة العامة. نفتقد حكمتك، وقيادتك، وشغفك الذي جعل من كرة السلة اللبنانية نموذجاً يُحتذى به. ذكراك ستبقى حاضرة في كل مباراة، في كل لقب، وفي كل إنجاز يحققه لبنان على أرض الملعب.

أنطوان الشويري… رحلت بالجسد، لكنك ستبقى خالداً في قلوبنا. كنت صانع مجد، وستبقى رمزاً للنجاح والقيادة. المنافسة على أرض الملعب قد تنتهي، لكن الاحترام لرجال صنعوا التاريخ لا ينتهي أبداً.

رحمك الله يا أنطوان الشويري… ستبقى في ذاكرة الرياضة اللبنانية وفي قلوب كل من أحبوا هذه اللعبة.

المهندس هشام جارودي
الرئيس السابق للنادي الرياضي – بيروت