أمين القصيفي
تميّزت الإطلالة التلفزيونية المطوّلة الأولى لرئيس الحكومة نواف سلام بعد مباشرته أعماله رسمياً في رئاسة الحكومة، أمس الأربعاء، وفق العديد من المراقبين، بالوضوح في مقاربة المسائل التي طُرحت خلالها والأسئلة حول القضايا والملفات المطروحة أمام الحكومة، ومنها قضية سلاح “الحزب” التي لم يدوّر سلام الزوايا تجاهها بل حصَّن موقفه من السلاح بالاستناد إلى الدستور واتفاق الطائف، في شمال الليطاني وجنوب الليطاني وقبل القرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار، فالدستور واضح، بسط سيادة الدولة بقواها الذاتية على كامل أراضيها، من النهر الكبير إلى الناقورة، وتذاكينا في السنوات الماضية وهذا ما جعلنا ندفع الثمن الغالي، خصوصاً أهلنا في الجنوب الذين دُمِّرت قراهم. الانتظارات كبيرة ويبدو أن رئيس الحكومة يدرك حجم الآمال المعلّقة لدى اللبنانيين على حكومته، وهو شدد على العمل لاستعادة ثقة المواطنين ومصارحتهم دائماً.
المحلل السياسي علي الأمين، يرى أن سلام “كان يتحدث كرجل دولة، ورجل الدولة له شروط ومبادئ. هو تحدث في مجمل المواضيع التي تهمّ اللبنانيين وتشكّل هاجساً لديهم، فلم يتحدث فقط عن مسألة سلاح “الحزب”، إنما تحدث عن كل ما ينتهك شروط دولة القانون والمؤسسات”.
يضيف الأمين في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني: “من هنا حديث سلام مثلاً عن ضرورة تطبيق اتفاق الطائف وتطبيق الدستور، إذ كان التطبيق انتقائياً من البداية ولم يكن كاملاً وشاملاً، لأن وثيقة الطائف والدستور كلّ متكامل”.
يتابع: “سلام تحدث أيضاً عن نقطة أساسية ويشعر المرء بصدقه حيالها، عندما تناول قضية المودعين، بأن ما هو بحاجة إلى شطب هو شطب فكرة شطب الودائع. فهذا الكلام يأتي من شخصية، أولاً هو قاضٍ، وثانياً هو لديه وديعة كسائر المودعين، وثالثاً هو ليس متورطاً في السياسات التي أدّت إلى الكارثة التي عاشها ويعيشها اللبنانيون في قضية الودائع. بالتالي الكلام يصبح لديه مصداقية أكثر، حين يصدر عن مسؤول رسمي مثله في هذا السياق”.
الأمين يشير، إلى أن “سلام تحدث بطبيعة الحال عن سلاح “الحزب”، والملاحظ أنه لم يطرح الموضوع من منطلق أن هناك مطلباً دولياً اليوم أو الخضوع لإملاءات دولية، بل بالاستناد إلى الدستور واتفاق الطائف، أي بالعودة إلى تطبيق الدستور والطائف، وبأنه في النهاية لا وجود لدولة إن لم تكن تبسط سلطتها فعلياً على أراضيها بشكل كامل”.
برأي الأمين، أن سلام “تعاطى مع الأمور بشكل منهجي بعيداً عن الاصطفافات والحسابات السياسية، من زاوية الالتزام بالدستور”، مشيراً في هذا السياق إلى أن “الشخص الوحيد الذي ذكر سلام اسمه ربما ثلاث مرات خلال حديثه التلفزيوني، هو الرئيس الراحل فؤاد شهاب، وكأنه يحاول أن يستلهم تجربة شهاب كرجل دولة في بناء المؤسسات، إذ تكلم سلام عن مؤسسات الرقابة والكفاءة ومجلس الخدمة المدنية بعيداً عن المحاصصة”.
الأمين يلفت إلى أن ما قاله سلام “هو رؤية يقدِّمها رئيس الحكومة، أعطت أملاً كبيراً للّبنانيين”، مشيراً إلى “عبارات ومحطات أساسية شدَّد عليها ولا يجب أن تغيب عن بال أحد من اللبنانيين، أي من خطاب القسم إلى كلام رئيس الحكومة وإلى الحكومة إجمالاً، هو يقدِّم رؤية وتصوّراً، بمعنى ألا يعتبر أحد من اللبنانيين بأنه غير معني ببذل الجهد من أجل إنجاح هذه الرؤية، فشرط تطبيق كل ذلك أن يشارك اللبنانيون في تحقيقه على كل المستويات”.