“الثنائي” يستوعب الصدمة وينخرط في التشكيل.. حكومة من 24 بمشاركته؟
قاسم: لا يستطيع أحد إقصاءنا.. والإتفاق يشمل جنوب الليطاني حصرًا
تدل المواقف الصادرة عن مسؤولي الثنائي الشيعي والمعلومات التي ترشح عن أوساطه، على انه بدأ يستوعب صدمة خسارته موقعي رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، وبدأ يتأقلم تدريجيا وبحذر، مع الامر الواقع الجديد ويتحضّر للتعاون معه، لا لمقاطعته. ربما هي نتيجة التواصل الذي حصل بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام وبما هي نتيجة المساعي التوفيقية “التطمينية” للثنائي والذي عمل على خطها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وايضا الاطراف الدولية المهتمة بلبنان مِن فرنسا الى الأمم المتحدة، والأهم ان تصمد ايجابية حركة امل وحزب الله وان تُثمر “حكومةً” جديدة سريعا.
التأليف قبل 27؟: في المعلومات، أن المشاورات الأولية تشير الى تأكيد مشاركة الثنائي الشيعي في الحكومة الجديدة، وان التصور الأولي هو التوجه لتشكيل حكومة من 24 وزيراً. كما ان العمل جار لإنجاز التشكيل قبل الأحد المقبل اي التاريخ المحدد لانتهاء مهلة الستين يوما التي ينص عليها اتفاق وقف النار. من جانبه، نفى المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب نبيه بري ما أوردته إحدى محطات التلفزة حول طلب الرئيس بري من الرئيس المُكلف إطلاعه على التشكيلة لإبداء الراي بها ، مؤكداً إن ما ورد في الخبر عار من الصحة جملة وتفصيلا.
الحرد يتبدّل: تبدّل اذا في الساعات الماضية، حردُ الثنائي الذي رافق التكليف، وحديثُ رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد عن “كمين” و”إقصاء” ليحلّ مكانهما كلام عن اجواء ايجابية. اليوم، رأى نائب رئيس المجلس السياسي لـ”حزب الله” الوزير السابق محمود قماطي أن “هناك جوا من التفاؤل في إطار الاتصالات التي تجري”. وقال “لم نغلق الطريق ولا في يوم من الأيام على أي دولة، وإنما ما كنّا نقوله، هو أن على لبنان أن ينفتح باتجاه الشرق والغرب، لا أن يحصر انفتاحه فقط على الغرب”. وقال خلال احتفال تكريمي في السانت تيريز “كنّا وما نزال متعاونين ومرحبين ومتفهمين للوضع الداخلي اللبناني ولتعزيز وضع الدولة في خدمة المواطن، ولا يوجد هناك أي مشكلة مع الأشخاص أبداً”.
لا اقصاء او استثمار: وكان الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أضاء، خلال كلمة مسجلة في المؤتمر الدولي الثالث عشر “غزة رمز المقاومة” الذي عقد في ايران، على الدور الاساسي لحزب الله في انتخاب الرئيس جوزيف عون. كما اكد ان احدا لا يمكنه اقصاء الحزب وان لا يمكن استثمار نتائج العدوان الاسرائيلي في السياسة الداخلية. تعقيبا، قالت مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، إن أي طرف محلي ليس في هذا الصدد، بل الحزب هو مَن أقصى نفسَه بداية عن الإجماع اللبناني، بعد ان كانت كل الجهات المحلية رفضت الحديث عن “منتصر ومهزوم”، ومدّت الايادي لحزب الله. اما حديثه عن بقاء المقاومة قوية وعن حصر مفاعيل اتفاق وقف النار بجنوبي الليطاني، فتعتبره المصادر موجها لجمهور الحزب فقط.
قاسم: وقال قاسم “لن يتمكن أحد من استثمار نتائج العدوان في السياسة الداخلية، فالمسار السياسي مُنفصل عن وضع المقاومة. مساهمتنا كحزب الله وحركة أمل هي التي أدّت إلى انتخاب الرئيس بالتوافق، الرئيس العماد جوزيف عون، ولا يستطيع أحد إقصاءنا من المشاركة السياسية الفاعلة والمؤثرة في البلد، فنحن مُكوّن أساسي في تركيبة لبنان ونهضته، بعض البلهونيات في إبراز إبعادنا عن المسرح هي فُقّاعات ستظهر لاحقًا ان شاء الله”. وتوجه الى “الحالمين بعدائية: ستبقى المقاومة في لبنان عصية على المشروع الأميركي – الإسرائيلي، وهي مستمرة وقوية وجاهزة وأمينة على دماء الشهداء لتحرير الأرض، لتحرير فلسطين. صبرنا على الخروقات لإعطاء فرصة للدولة اللبنانية المسؤولة عن هذا الاتفاق، ومعها الرعاة الدوليين، ولكن أدعوكم إلى ألا تختبروا صبرنا، وأدعو الدولة اللبنانية إلى الحزم في مواجهه الخروقات التي تجاوزت المئات، هذا الأمر لا يمكن أن يستمر، الاتفاق حصرًا هو في جنوب نهر الليطاني، وخرجنا بحمد الله تعالى مرفوعي الرأس والسلاح بأيدي المقاومين والقرار 1701 إطار عام، أما خُطط الاستفادة من المقاومة وسلاحها في نقاش ضمن الاستراتيجية الدفاعية وبالحوار من ضمن الحفاظ على قوة لبنان وسيادة لبنان واستقلاله”.
عون للانسحاب: وحضرت هذه الخروقات في صلب اهتمامات رئيس الجمهورية والرئيس المكلف وقد اثاراها منذ لحظة توليهما مسؤولياتهما، ولا يزالان، في كل لقاءاتهما المحلية والدولية. في السياق، أكّد الرئيس عون أنّ “لبنان متمسك بضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية من أراضيه المحتلة في الجنوب ضمن المهلة التي حددها الاتفاق الذي تم التوصل إليه في 27 تشرين الثاني الماضي”. وقال خلال استقباله اليوم في قصر بعبدا، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس “استمرار الخروقات الإسرائيلية البرية والجوية ولاسيما لجهة تفجير المنازل وتدمير القرى الحدودية يناقض كلياً ما ورد في اتفاق وقف أطلاق النار ويعتبر استمراراً لانتهاك السيادة اللبنانية وإرادة المجتمع الدولي”. ونوّه عون بـ”صمود أفراد “اليونيفيل” في وجه الاعتداءات التي طالت مراكزهم”، وشدد على التنسيق الكامل القائم بينها وبين الجيش اللبناني.
غوتيريس: بدوره قال غوتيريس: في هذا الاجتماع مع رئيس الجمهورية، أتيحت لي الفرصة للتعبيرعن تضامننا مع شعب لبنان الذي عانى كثيرًا، كما أعربت عن دعمنا الكامل للرئيس وللحكومة المستقبلية، مع علمنا أنه سيكون من الممكن الآن تعزيز مؤسسات الدولة اللبنانية وتهيئة الظروف اللازمة لتمكين الدولة اللبنانية من حماية مواطنيها بشكل كامل. كما سيكون من الممكن، مع انسحاب القوات الإسرائيلية من الجنوب ضمن المهلة المحددة وانتشار الجيش اللبناني في كامل الأراضي اللبنانية، فتح صفحة جديدة للسلام. وأنا أعلم أن اللبنانيين يتمتعون بديناميكية استثنائية، وصمود هائل، وشجاعة كبيرة، وأعلم أنه بمجرد انتهاء النزاع، تبدأ عملية إعادة الإعمار. وأود أن أعبر عن دعمنا الكامل واستعدادنا لتعبئة المجتمع الدولي بالكامل لتقديم كل أشكال الدعم للبنان، لما نعتقد أنه سيكون تعافياً سريعاً لهذا البلد، ليعود مرة أخرى مركزاً حيوياً للشرق الأوسط.”
عند سلام: بعدها، زار غوتيريش الرئيس المكلف نواف سلام في منزله. وقال غوتيريش بعد اللقاء: أود أن أعرب عن دعم الأمم المتحدة الكامل للعملية الجارية في لبنان، حيث شهد البلد انتخاب رئيس جديد، ورئيس وزراء جديد مُكلّف بتشكيل حكومة، وتوفّر فرص جديدة للبنان مع اكتمال اتفاق وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية، وتولّي القوات المسلحة اللبنانية كامل المسؤوليات المنوطة بها. نحن على قناعة تامة بأنّ هذا التطور سيمثل نقلة نوعية استثنائية للبنان، والأمم المتحدة تدعم بالكامل رئيس الجمهورية وحكومة لبنان، لحشد المجتمع الدولي لتقديم الدعم الكامل للبنان الذي يجب أن يستعيد مكانته كمركز محوري في منطقة الشرق الاوسط. من جانبه، قال سلام “ما أعرفه الآن هو أننا سنكون قادرين على الاعتماد على الأمين العام لحشد الدعم الديبلوماسي للتأكد من انسحاب الإسرائيليين في اليوم الذي يجب أن يكملوا فيه انسحابهم وانه سوف يحشد الأمين العام أيضاً كل الجهود من أجل المؤتمر الذي تحدث عنه الرئيس إيمانويل ماكرون أمس لإعادة الإعمار والذي سيعقد قريباً وسيكون له الدعم الدولي الأكبر. أطرح أيضاً سؤالا الآن مع تغير الوضع في سوريا، نحن بحاجة للبدء مع الأمم المتحدة في الاستعداد لعودة آمنة وكريمة للاجئين السوريين في لبنان”.
..وبري: ثم انتقل الى عين التينة للقاء الرئيس بري الذي شدد على “وجوب إلتزام إسرائيل بالإنسحاب من الاراضي اللبنانية التي لا تزال تحتلها وفقاً لبنود الإتفاق ووقف خروقاتها وتدميرها الممنهج للقرى والحقول والمساحات الزراعية والحرجية”. بدوره قال غوتيريش بعد اللقاء “انا على ثقة تامة بأن لبنان سوف يكون لديه قريباً حكومة تمثل كافة مكونات الشعب اللبناني وتضمن امن جميع مواطنيها”، مردفا “بنفس الوقت إن قوات اليونيفيل تعمل بشكل وثيق مع الجيش اللبناني في جنوب لبنان لهدف واضح، وإن وجود إسرائيل في الجنوب يجب أن ينتهي بالوقت المحدد إنفاداً لإتفاق وقف إطلاق النار، بما يمكن الجيش اللبناني من بسط سلطته”… ويعقد غوتيريش اليوم، مؤتمرا صحافيا عند الساعة الخامسة والنصف مساءً، في فندق الموڤنبيك.
الخروق مستمرة: في الميدان، وبينما يبقى اسبوع من عمر اتفاق وقف النار حيث تنتهي مدته في 27 الجاري، وعلى وقع الضغط اللبناني – الدولي الكبير لانحساب القوات الاسرائيلية من الجنوب قبل هذا التاريخ، الخروقاتُ الاسرائيلية له مستمرة. فقد سجل قبل ظهر اليوم توغل قوة مؤللة اسرائيلية من بلدة يارون لجهة منطقة الدبش – بنت جبيل. وسمع دوي تفجيرين داخل احياء بلدة ميس الجبل. ونفذت جرافة اسرائيلية عملية تجريف في محيط منطقة “باب الثنية” شرق سهل مرجعيون. ايضا، توجهت آليات الجيش الإسرائيلي صباحا من بلدة حولا في اتجاه وادي السلوقي منفذة عملية تمشيط واسعة بالأسلحة الرشاشة الثقيلة والمتوسطة. وأقدمت جرافة اسرائيلية معززة بآليات عسكرية كانت تقدمت من بلدة يارون، على هدم منزل في حي الدبش في مدينة بنت حبيل وسوته بالأرض بعد جرفه، بالتزامن مع تحليق لطيران مسير واستطلاعي. وافيد ان لا زال فريق الصليب الاحمر والجيش اللبناني ينتظران نتيجة اتصالات “اليونيفيل” قبل التوجه للبحث عن ثلاثة اشخاص استهدفتهم مسيرة اسرائيلية قبل أيام في جبل سدانة، وهي المحاولة الثانية بعد فشل المحاولة الاولى.
الشرعي الاعلى: في المواقف، دعا المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى بعد اجتماعه الدوري برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان “اللبنانيين جميعاً إلى تسهيل مهمة الرئيس المكلف لأنه واجب وطني لتشكيل حكومة وطنية جامعة من أصحاب الاختصاص والكفاءات، ودعوة القوى السياسية إلى التعاون مع رئيس الدولة والرئيس المكلف لإنقاذ البلد والنهوض بالوطن سياسياً واقتصادياً وحياتياً وإنمائياً لينعم لبنان بمستقبل زاهر وأمن يسوده السلام والاستقرار”. ونوّه المجلس بـ “الجهود التي قام بها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي خلال توليه سدة المسؤولية في الظروف الدقيقة والخطيرة التي مرت بها البلاد، مع شكره على ما بذله من أجل لبنان واللبنانيين”. وأكد على “وجوب قيام الدول المعنية العمل على تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم ١٧٠١ بجميع مندرجاته حفاظاً على الأمن والسلم الدولي.