في نهاية هذا اليوم، سيكون نجيب ميقاتي الرئيس المكلّف لتشكيل الحكومة الـ78 للجمهورية اللبنانية منذ الاستقلال. فهو سينال الأكثرية النيابية المطلوبة ليبدأ استشارات التأليف بعد ساعات، مستفيداً من تشتت المعترضين عليه، وتماسك المؤيدين له.
ونتيجة ذلك، سيجد رئيس الجمهورية في نهاية يوم المشاورات، أن ميقاتي حاز على العدد الأكبر من الأصوات، فيبلّغ النتيجة الى رئيس مجلس النواب نبيه بري، قبل أن يستدعي ميقاتي الى القصر، لتكليفه بتأليف الحكومة الجديدة.
عودة ميقاتي للمرة الرابعة الى السراي الحكومي بعد 19 نيسان 2005، و13 حزيران 2011، و10 أيلول 2021، لم تكن مفاجئة. فاسمه طرح في النقاشات التي سبقت انجاز التوافق على انتخاب الرئيس العماد جوزاف عون. قيل إن ميقاتي يعرف كواليس اتفاق وقف الأعمال العدائية ومضامينه، وقد بدأت حكومته تنفيذ أولى خطواته. وقيل أيضاً، إن ثنائي أمل وحزب الله يرتاح للعمل معه أكثر من سواه. وهو ما تحدّث عنه كذلك المطّلعون على أجواء الخلوة التي جمعت بين الرئيس عون والنائبين محمد رعد وعلي حسن خليل، قبيل ساعة من تصويت “الثنائي” لصالح عون.
وفي هذا السياق، يقول بعض من صوّت لعون قبل أيام وسيسمّي ميقاتي اليوم، أننا سنكون أمام “ميقاتي جديد”، بمعنى التغيير الذي سيطرأ على نمط عمله واسلوب تعاطيه، وفق رؤية رئيس الجمهورية.
ماذا بعد التسمية؟
تشير المعطيات الى أن رحلة التأليف لن تكون طويلة. فالعهد يرغب باستمرار الزخم الذي يواكب انطلاقته، والحكومة يجب أن تكون جاهزة خلال أيام، لصياغة بيانها الوزاري، والمثول أمام مجلس النواب لنيل الثقة على أساسه. كلّ ذلك، قبل انتهاء مهلة الستين يوماً للانسحاب الاسرائيلي من لبنان، في سياق تطبيق بنود “وقف الأعمال العدائية”.
ووفق المعلومات، فالحكومة التي ستعيش حتى الانتخابات النيابية المرتقبة ربيع 2026، ستجمع ما بين السياسة والتكنوقراط. وهي لن تتضمّن “الثلث المعطّل” الذي طغى على الحكومات السابقة ولا “ثلاثية جيش وشعب ومقاومة”، بل ستنطلق مما تضمنه خطاب القسم. وهي ستبدأ بملء الشغور في المؤسسات والإدارات، وتعيين قائد جديد للجيش اللبناني (يتم التداول بهذا السياق باسم العميد الركن رودولف هيكل)، وستعمل على تنظيم الانتخابات النيابية المقبلة، ووضع خطة جديدة للتعافي، وصياغة مشروع إعادة هيكلة المصارف “غير الشعبي”. ما يعني أنها آتية لبرنامج عمل محدد، لتعود الانتخابات فتفرز توازنات مختلفة، تنبثق منها حكومة جديدة.
لا شك أن تسمية رئيس الحكومة لن تكون منعزلة عن التوجهات الدولية، العربية منها خصوصاً. وعلى الرغم من أن زيارة ميقاتي سوريا كانت مقررة قبل الانتخابات الرئاسية، إلاّ أن ما حدده من “تعاون مشترك” للمرحلة المقبلة، يأتي في سياق معرفته بأنه سيعود الى سوريا مجدداً، رئيساً لحكومة مكتملة الصلاحيات، لا مجرّد رئيس لحكومة تصريف الأعمال.
y
غبريال مراد