جلسة 9 كانون.. أربعة سيناريوات ومفاجأة في الصندوق!


محمّد حميّة

لم يُزِل ضجيج التوقعات والمشاورات وزحمة الموفدين لثام الغموض عن مصير الجلسة النيابية المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية على مسافة يومين من الخميس الموعود.
وإن كانت صورة الجلسة رمادية وفق ما أشار أكثر من مصدر نيابي للجمهورية ومشرّعة على كافة الاحتمالات من ضمنها عدم انتخاب رئيس في التاسع من كانون، فإن التوقعات تشير الى أربعة سيناريوات مطروحة:
الأول: أن تُفضي المشاورات الداخلية والضغط الدبلوماسي الخارجي (بعد زيارة الدبلوماسي الأميركي عاموس هوكشتاين وزيارة ثانية للموفد السعودي)، إلى اتفاق الكتل النيابية الوازنة على مرشّح واحد والذهاب إلى انتخابه عبر الإعلان المسبق عنه أو بطريقة الانتخاب الديمقراطي السري في الصندوق.
وقد يكون الاتفاق تسوية بين ثلاثي المعارضة وفي مقدمتها القوات اللبنانية – الثنائي الشيعي – التيار الوطني الحر، وهذا مستبعد حتى الساعة في ظل تعثر الحوار القائم بين “التيار” و”القوات” على مرشح موحد وفق مصادر الطرفين وصعوبة تقاطع “الثنائي” و”القوات” على مرشح موحد، أو تسوية بين “الثنائي الشيعي” وحلفائه وبين التيار الوطني الحر، وهذا خيار محفوف بمخاطر المواجهة مع جبهة سياسية داخلية معارضة واحتمال تمديد المقاطعة الخارجية أميركية – سعودية للعهد الجديد.
وتشير أوساط مطلعة للجمهورية الى أن السعودية لم تستطع عبر أميرها يزيد بن فرحان خلال زيارته الى بيروت إقناع الرئيس نبيه بري ولا “المونة” على “القوات” للسير بقائد الجيش العماد جوزاف عون لحسابات قواتية بأن موازين القوى الإقليمية والسياسية الداخلية الجديدة آيلة للانسياب التدريجي أكثر لمصلحة قوى المعارضة مع دخول الرئيس الأميركي الجديد ترامب رسمياً الى البيت الأبيض ونهاية مهلة الستين يوماً من دون الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب والتوجه الإسرائيلي لاستهداف إيران، ما يشكل فرصة لانتخاب رئيس من صفوف المعارضة. ويقال إن القوات نصحت السعودية بالتريث، فيما المملكة مهتمة وفق مصادر موثوقة بتسمية رئيس الحكومة من (خارج الأسماء التقليدية) أكثر من رئيس الجمهورية لأسباب متعددة.
وتذهب الحسابات القواتية وفق مطلعين لأبعد من ذلك بتبلور قناعة لدى الإدارة الأميركية الجديدة بإمكانية دعم خيار ترشح رئيس القوات والضغط لتأمين أغلبية نيابية لانتخابه، وإذا تعذّر واستمر الفراغ الرئاسي فقد يصبح خيار إجراء انتخابات نيابية مبكرة مطلع الصيف المقبل مطروحاً لقلب المعادلة النيابية ما يتيح انتخاب مرشح المعارضة وتغيير المعادلة السياسية بشكل كامل.
الثاني: الاتفاق على ثلاثة أسماء توافقية وترك الحرية للنواب والكتل لاختيار أحدها ضمن اللعبة الديمقراطية، وهذا الخيار مستبعد لأن تاريخ انتخاب رؤساء الجمهورية بعد الطائف يشير الى أن الانتخاب يحصل بعد تسوية على اسم واحد ولم يكن لعبة ديمقراطية (الرؤساء الياس الهراوي وإميل لحود وميشال سليمان وميشال عون).
الثالث: انعقاد جلسات عدة وبدورات متعددة وتعذّر نيل أي من المرشحين ثُلثي الأعضاء في الدورة الأولى ولا الأكثرية النيابية العادية في الدورة الثانية (65 صوتاً) ما يدفع لتأجيل الجلسة، ويفسح المجال لجولة مشاورات نيابية في المجلس بإدارة الرئيس بري بموازاة ضغط دولي لصناعة توافق على اسم أو ثلاثة أو بالحد الأدنى الاتفاق على حضور كل الكتل النيابية في قاعة الانتخاب وعدم تطيير النصاب في الدورات الثانية والثالثة والتسليم بنتائج اللعبة الديمقراطية وتهنئة الرئيس المنتخب والتعاون معه.
السيناريو الرابع: انعقاد جلسة أو أكثر لكن مع تعذّر التوافق على اسم أو أسماء، وغياب أغلبية نيابية توافقية لأحد المرشحين، ما يدفع كل فريق الى إفقاد نصاب انعقاد الجلسة إذا ما شعر بأن الفريق الآخر قادر على تأمين أكثرية الـ 65 صوتاً لمرشحه، أي “تهريبة” وهذا ما يتخوف منه الدكتور سمير جعجع، ولذلك يمهد لإفقاد النصاب في الدورة الثانية وبهذه الحالة سيدعو رئيس المجلس الى جلسات أخرى، لكن الفريق الذي يعطل نصاب الجلسة سيكون محرجاً أمام الرأي العام اللبناني الذي ينتظر تصاعد الدخان الأبيض من ساحة النجمة، وأمام الحشد الدبلوماسي الذي دعاه رئيس المجلس لحضور وقائع الجلسة، ما سيدفع كافة الكتل الى حسم خيارها النهائي في صندوقة الاقتراع.
من الصعب ترجيح كفة خيار لأن التطورات متسارعة ولائحة المرشحين تتذبذب مثل بورصة الأسهم، وتبقى المفاجآت واردة حتى موعد الجلسة وقد تتبدل بين دورات الانتخاب وفق مسار المفاوضات والمساومات وموازين القوى السياسية والنيابية لحظة الانتخاب.
وثمّة من يعتقد أن المشهد الرئاسي أصبح أكثر تعقيداً بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد والتغير في جيوبوليتيك المنطقة وصراع النفوذ التركي القطري – السعودي في المنطقة ومن ضمنها لبنان ما يحتاج الى مرشح توافق لبناني – لبناني تؤيده السعودية والولايات المتحدة وفرنسا يتقاطع مع مصلحة تركية – قطرية، لكن جهات معنية بالاستحقاق تستبعد انتخاب رئيس في جلسة الخميس وقد تؤجل الجلسة الى نهاية الشهر الجاري لمزيد من التشاور وإنضاج “طبخة رئاسية واضحة المعالم”، وبانتظار استحقاقين مفصليين: الأول تنصيب ترامب رسمياً في العشرين من الجاري، والثاني حسم الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب بعد نهاية مهلة الستين يوماً والتطورات التي قد تنشأ بحال عاود حزب الله هجماته على القوات الإسرائيلية، لكن الخيار المرجح وفق توازنات القوى الحالية هو انتخاب رئيس وسطي توافقي لا يشكل استفزازاً لأحد ويجمع ولا يفرق ومقبول دولياً وهناك عدة أسماء تنطبق على هذه المواصفات وقد تكون المفاجأة أن الرئيس لن يكون من الأسماء البارزة والمطروحة.